المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب المعاشرة


المشرف العام
06-08-2015, 08:25 AM
لا بد أن يدرك الزوجان أن أصل عقد الزواج هو عقد يحل هذا السلوك الطبيعي الرائع بين الزوجين، فبدون هذا العقد هما محرومان من ممارسة هذا السلوك إلا عن طريق الحرام الذي تكون عاقبته الخزي في الدنيا والندامة في الآخرة. فأناديهم بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ (سورة المائدة آية 1) إن حل استمتاع الزوجين كل منهما بالآخر هو الأثر الأول لعقد الزواج، بل إن الفقهاء جعلوه الحق القضائي الأساسي بينهما عند التعريف بعقد الزواج فقالوا: "عقد الزواج هو عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات".
يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ (سورة المؤمنون آية 5 - 6).
وهكذا فإن من الحقوق الزوجية المشتركة بين الزوجين حق المعاشرة الجنسية والاستمتاع المتبادل.
وأضافت التوجيهات النبوية الكثير من الآداب التي يجب أن يتبعها الرجل عند معاشرة زوجته وأكثرها يصب في إعطاء المرأة حقها الكامل دون أن تبتذل في طلبه أو تخدش حياءها.


من آداب المعاشرة:
- التسمية والدعاء في أوله: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ) لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا (.
- ألا يجامع زوجته بحضور زوجته الأخرى أو وهي تسمع صوتهما.
- استحباب ملاعبة الزوجة قبل الجماع لتنهض شهوتها فتنال من اللذة مثل ما يناله.
وقد عبر القرآن تعبيرًا لطيفًا حول هذه المقدمات قال تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (سورة البقرة آية 223) .
ألا يحتاج هذا التعقيب لهذه الآية: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ (سورة البقرة آية 223)، ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (سورة البقرة آية 223)، منا نحن الأزواج والزوجات أن نقف أمامه طويلا وأن نتفكر فيه كثيرًا عسى أن نفهم ذلك المعنى الراقي للزواج كعلاقة، وللمعاشرة كفطرة بشرية وللإشباع الجنسي كحاجة عاطفية في البيوت ولذلك كله كطريق إلى مرضاة الله.
- ينبغي أن يتفهم الزوج والزوجة احتياجات كل منهما من أجل الإشباع وأن يتعرفا عليه وأن يترفقا عند الأداء بعضهما ببعض وأظن أن تعبير القرآن عن هذه العلاقة بقوله: ﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا ﴾ (سورة الأعراف آية 189) يدل على مدى الرقة المطلوبة فيها.
- وينبغي إذا قضى الرجل وطره ألا يعجل بالقيام لأن ذلك يشوش عليها بل يبقى حتى يعلم أنها قد انقضت حاجتها والمقصود الإحسان إليهن، وهذا موضع لا يمكن الإحسان إليها من غيره فليجتهد في ذلك جهده.
أهمية الاستمتاع الحسي بين الزوجين:
للزواج دور في ضبط الشهوة الجنسية فالتجاذب الفطري الذي أودعه الله تعالى بين الرجل والمرأة جعله نوعًا من أنواع فتن الدنيا وجعله الله نوعًا من الشهوات، قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ (سورة آل عمران آية 14).
يقول ابن كثير: "زين الله تعالى للناس في هذه الحياة الدنيا أنواع الملاذ من النساء والبنين فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه".
فلا يعني أن النساء فتنة للرجال أنهن شر وإنما يعني في المقام الأول أن الله خلق في المرأة قوة جذب شديدة تقابل مراكز استقبال عند الرجل تجعله ينجذب إليها بشدة حتى تلغي عقله فيقع في الحرام الذي حرمه الله فتكون بالنسبة للرجل ميزان اختبار لأوامر الله له باجتناب المعاصي ولا يصلح اختبار التقوى إلا في وجود المرغبات.
ولا يخفى على أحد أن في بعض الأحيان يكون الرجل فتنة للمرأة من نفس المنطلق أو منطلقات أخرى.
"فهي شهوات مستحبة مستلذة وليست مستقذرة ولا كريهة والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها ووضعها في مكانها، لا تتعداه ولا تطغى على ما هو أكرم في الحياة وأعلى".
ويستشهد ابن حزم لحق المرأة في ذلك بقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ (سورة البقرة آية 222) فيقول: "وفرض على الرجل أن يجامع امرأته التي هي زوجته ذلك مرة في كل طهر إن قدر على ذلك وإلا فهو عاصٍ لله تعالى ويعاقب على ذلك من القاضي بالأدب لأنه أتى منكرًا".
والواقع أن تعمد الزوج ترك وطء زوجته دون عذر مشروع يدل على قصده الإضرار بها والإضرار لا يجوز شرعًا ويصلح أن يكون سببا للفرقة بين الزوجين إذا طلبتها الزوجة من القاضي.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين.