المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عشرون نصيحة لأختي قبل الزواج -17


المشرف العام
06-08-2015, 09:13 AM
النصيحة السابعة عشرة

أقرب طريق إلى قلب الرجل: سمعه وبصره

وهذا من جنس النصيحة السابقة، ولكن لما كان قضاة الحكم على الناس: هما السمع والبصر، أفردت العناية بهما بنصيحة، فبهما يحكم على الناس، وعن طريقهما تقاس الأذواق والعقول، فلا يسمع منك زوجك إلا كلَّ كلام جميل، ولا يرى منك إلا كلَّ مظهرٍ نبيل.

فاحذري أن يسمع منك أو عنك ما يسوؤه ويكرهه.

أما منكِ؛ فعودي نفسك على انتقاء ألفاظ كلامك معه، وخاصة عند النداء والطلب، فليس من الذوق الرفيع، والأدب المنيع أن تناديه باسمه مجرداً، أو ببعض العبارات السوقية كقول: يا ولد، أو يا رجل، أو يا هيه، أو أنت، ونحو ذلك، من كلّ اسمٍ ولقبٍ يكرهه أو لا يليق أن يسمعه منك.
وكذلك في سائر كلامك معه، وقد قالت أم الغادية للرسول صلى الله عليه وسلم: أوْصِنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ: ) إِيَّاكِ وَمَا يَسُوءُ الأُذُنَ ( رواه الإمام أحمد.

فعليك في كلامك معه التزام آداب الكلام عامة، وذكرها لا يتسع له هذا المقام، وكذا آداب الكلام معه خاصة ومن ذلك:

[ 1 ] لا تهملي السلام عليه عند لقائه، فالسلام من دين الله تعالى، ولئن كان السلام يحبب قلوب عامة الناس بعضها لبعض فهو بين الزوجين أكثر وأقوى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ) لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ( رواه مسلم.

[ 2 ] بادريه بعد رد السلام عليه بالترحيب بـ: مرحبا وأهلاً، أو أهلاً وسهلاً، أو حياك الله، أو حياك وبيّاك، فإن هذا من الأدب النبوي الرفيع وقد ورد في ذلك أحاديث عدة، وفي حديث حال المسلمين في الجنة وزيارتهم لله تعالى، وعودتهم إلى زوجاتهم جاء فيه: ) ثم ننصرف إلى منازلنا، فتتلقانا أزواجنا، فيَقُلْنَ: مَرْحبا وأهلا ( رواه الترمذي.

[ 3 ] واسيه بذكر محاسنه، فإنّ هذا مما يشد عزيمته، ويقوي بأسه، ولهذا لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها بعد نزول أول الوحي عليه، وخوفه على نفسه، قالت له: ( كلا، أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبدا، إنك لتَصِلُ الرحم، وتَصْدُق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقْرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق ).

[ 4 ] من جميل الكلام عبارات الحب والوئام، فلا تسأمي أن تعترفي له بين حين وآخر بحبك له، وتعلقكِ به، وخوفك عليه، فإنّ هذا مما يزيد محبتك في قلبه.

[ 5 ] ولا ترفعي صوتك كمنازع الأصم، ولا تخفضيه كباعث السر، وإنما تكلمي معه بصوت يُسمعُهُ ولا يُزعجُه، فإنَّ رَفعَ الصوتِ بريدُ الموت!، وفساد العشرة، وخفاء الكلام سببٌ لسوء الأفهام و ورود الأوهام.

[ 6 ] وإياك وكلاماً تعتذرين منه!، وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قال لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: ) إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ ولا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا وَاجْمَعْ الْإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيْ النَّاسِ (، وهذا يدعوكِ إلى أن لا تلقي الكلام مع زوجك جزافاً حتى تتفحصيه أشد التفحص، فإن نزغات الشيطان بين الأزواج قد تكون شرارتها: كلمة لم يحسب لها بين الطرفين حساب، وفي مثل هذه المواطن إبليس أشد حرصاً، وأكثر حضورًا.
روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: ) إن عَرْشَ إِبليس على البحر، فَيَبعثُ سراياه، فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ، فأعظمهم عنده: أعظمهم فتنة، يجيء أحدُهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صَنَعتَ شيئا، ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فَرَّقتُ بينه وبين امرأته، فَيُدنِيهِ منه، ويلتزمه، ويقول: نِعمَ أنت (.

أما عنكِ؛ فإياك أن تكوني حلقة في سلسلة نقل فريةٍ تخرق الآفاق، أو نميمةٍ تسبب الافتراق، فما أقبح أن تنتشر مقالة السوء، فيبحث الناس عن إسنادها، فيقولون: قالته فلانة!.

فإياك ونقل الحديث، وقيل وقال، ومجالس تتبع العورات، وقد ثبت في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذيره من النميمة، وقيل وقال.

روى البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ) لا يدخل الجنة قَتَّات (.
وعندهما أيضاً من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كتب إلى معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) كان ينهى عن قيِلَ وقالَ، وإضاعَةِ المال، وكثرةِ السؤال (.

فربما – يا أختاه – دخلتِ في مجمتعٍ نسائيٍ من أخوات زوجك، وزوجات إخوانه، وأقاربه وجيرانه، فعليك بنفسك، وإياكِ أن تشتعل نارُ مشكلةٍ عائليةٍ وسببها مقالةٌ قلتيها أو نقلتيها، ولا يستخفنك مجالس ناقصات العقول، وسمرات ربّات هطل الكلام، فتتكلمي بكلمةٍ تفرح بها حمالةُ حطب السيئات، وتطير بها النافثة في عقد القلوب الصافيات، فربّ كلمة قالت لصاحبها دعني، فالحذر الحذر قبل أن لا ينفع الندم.