المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و أرضاها


امينة خالد
10-14-2015, 04:02 PM
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و أرضاها



اسمها وشرف نسبتها


هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي ، وأشهر نسائه. ولدت -رضي الله عنها- سنة تسع قبل الهجرة، أمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية -رضي الله عنها- التي قال فيها رسول الله : "من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان".




حالها في الجاهلية

ولدت عائشة -رضي الله عنها- في الإسلام ولم تدرك الجاهلية، وكانت من المتقدمين في إسلامهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله قالت: "لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين".




قصة زواجها من النبي



في بيت الصدق والإيمان ولدت، وفي أحضان والدَيْنِ كريمين من خيرة صحابة رسول الله تربت، وعلى فضائل الدين العظيم وتعاليمه السمحة نشأت وترعرعت. وقد تمت خطبتها لرسول الله وهي بنت سبع سنين، وتزوجها وهي بنت تسع؛ وذلك لحداثة سنها، فقد بقيت تلعب بعد زواجها فترة من الزمن.


وبعد هجرة الرسول إلى المدينة، لحقته العروس المهاجرة إلى المدينة المنورة، وهناك اجتمع الحبيبان، وعمّت البهجة أرجاء المدينة المنورة، وأهلت الفرحة من كل مكان؛ فالمسلمون مبتهجون لانتصارهم في غزوة بدر الكبرى، واكتملت فرحتهم بزواج رسول الله بعائشة. وقد تمَّ هذا الزواج الميمون في شوال سنة اثنتين للهجرة، وانتقلت عائشة إلى بيت النبوة.




أهم ملامح شخصيتها



الكرم والسخاء والزهد

العلم الغزير


فقد كان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض؛ قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة -رضي الله عنها- من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة. قال أبو موسى الأشعري : ما أشكل علينا أصحاب محمد حديث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علمًا.



وقال عروة بن الزبير بن العوام: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.



ذات مكانة خاصة


‏أخرج البخاري في صحيحه عن ‏أبي موسى الأشعري ‏ أنه ‏قال: ‏قال رسول الله ‏:‏ "‏كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا ‏مريم بنت عمران، ‏وآسية امرأة فرعون، ‏وفضل ‏عائشة ‏على النساء كفضل ‏الثريد ‏على سائر الطعام".

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها - كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، قالت عائشة : فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة ، فقلن : يا أم سلمة ، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة ، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس : أن يهدوا إليه حيثما كان ، أو حيثما دار ، قالت : فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : فأعرض عني ، فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني ، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال : ( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة ، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها )

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه ‏عن ‏عائشة -رضي الله عنها- ‏أنها قالت: "كان الناس ‏‏يتحرّون ‏بهداياهم يوم ‏عائشة؛ ‏يبتغون ‏بذلك مرضاة رسول الله ‏".



وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ‏أبي سلمة أنه قال:‏ ‏إن ‏عائشة -رضي الله عنها- ‏قالت: ‏قال رسول الله ‏ ‏يومًا: "‏يا ‏عائش، ‏هذا ‏جبريل ‏يقرئك السلام". فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد رسول الله ‏.




بعض المواقف من حياتها

مع الرسول



إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت علي غضبى قالت : فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ فقال : أما إذا كنت عني راضية ، فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت غضبى ، قلت : لا ورب إبراهيم ) . قالت : قلت : أجل والله يا رسول الله ، ما أهجر إلا اسمك .

الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 5228
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



أم المؤمنين عائشة برأها المولى جل جلاله من فوق سبع سموات

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب ، فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ، ودنونا من المدينة قافلين ، آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه ، قالت : وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي ، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ، ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل فساروا ، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش ، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني ، وكان رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، والله ما تكلمنا بكلمة ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، وهوى حتى أناخ راحلته ، فوطئ على يدها ، فقمت إليها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول ، قالت : فهلك من هلك ، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول . قال عروة : أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده ، فيقره ويستمعه ويستوشيه . وقال عروة أيضا : لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ، في ناس آخرين لا علم لي بهم ، غير أنهم عصبة ، كما قال الله تعالى ، وإن كبر ذلك يقال له : عبد الله بن أبي ابن سلول . قال عروة ، كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان ، وتقول : أنه الذي قال : فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم وقاء . قالت عائشة : فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمت شهرا ، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ، لا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ، ثم يقول : ( كيف تيكم ) . ثم ينصرف ، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت حين نقهت ، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ، وكان متبرزنا ، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، قالت : وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا ، قالت : فانطلقت أنا وأم مسطح ، وهي ابنة أبي رهم ابن المطلب بن عبد مناف ، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ فقالت : أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال ؟ قالت : وقلت : وما قال ؟ فأخرتني بقول أهل الإفك ، قالت : فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ، ثم قال : ( كيف تيكم ) . فقلت له : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت : وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، قالت : فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : يا أمتاه ، ماذا يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية ، هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ، لها ضرائر ، إلا أكثرن عليها . قالت : فقلت : سبحان الله ، أو لقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ، قالت : ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب وأسامة بن زيد ، حين استلبث الوحي ، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله ، قالت : فأما أسامة أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم لهم في نفسه ، فقال أسامة : أهلك ، ولا نعلم ألا خيرا . وأما علي فقال : يا رسول الله ، لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وسل الجارية تصدقك . قالت : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ، فقال : ( أي بريرة ، هل رأيت شيء يريبك ) . قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ، ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله ، قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله ابن أبي ، وهو على المنبر ، فقال : ( يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي ، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي ) . قالت : فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال : أنا يا رسول الله أعذرك ، فإن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج ، أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت : فقام رجل من الخزرج ، وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه ، وهو سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، قالت : وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد : كذبت لعمر الله لا تقتله ، ولا تقدر على قتله ، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل . فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعد ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين . قالت فثار الحيان الأوس والخزرج ، حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، قالت : فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم ، حتى سكتوا وسكت ، فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، قالت : وأصبح أبوي عندي ، قد بكيت ليلتين ويوما ، ولا يرقأ لي دمع لا أكتحل بنوم ، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي ، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي ، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، قالت : فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس ، قالت : لم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء ، قالت : فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ، ثم قال : ( أما بعد ، ياعائشة ، إنه بلغني عنكك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة ، فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب ، فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب ، تاب الله عليه ) . قالت : عائشة : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال ، فقال أبي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قالت أمي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا : إني والله لقد علمت : لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة ، لا تصدقوني ، ولئن اعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني منه بريئة ، لتصدقني ، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال : { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } . ثم تحولت واضطجعت على فراشي ، والله يعلم أني حينئذ بريئة ، وأن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها ، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ، ولا خرج أحد من أهل البيت ، حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان ، وهو في يوم شات ، من ثقل القول الذي أنزل عليه ، قالت : فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فكانت أو كلمة تكلم بها أن قال : ( يا عائشة ، أما والله فقد برأك ) . فقالت لي أمي : قومي إليه ، فقلت : والله لا أقوم إليه ، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل ، قالت : وأنزل الله تعالى : { إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم } . العشر الآيات ، ثم أنزل الله هذا في براءتي ، قال أبو بكر الصديق ، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا ، بعد الذي قال لعائشة ما قال . فأنزل الله : { ولا يأتل أولوا الفضل منكم - إلى قوله - غفور رحيم } . قال أبو بكر الصديق : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ، قالت عائشة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري ، فقال لزينب : ماذا علمت ، أو رأيت ) . فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا ، قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع . قالت : وطفقت أختها تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك . قال ابن شهاب : فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط . ثم قال عروة : قالت عائشة : والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول : سبحان الله ، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط ، قالت : ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله .

الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 4141
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أثرها في الآخرين

من أبلغ أثرها في الآخرين أنها -رضي الله عنها- روى عنها مائتان وتسعة وتسعون من الصحابة والتابعين أحاديثَ الرسول .





التعليم


من الحقائق التاريخية الثابتة أن صحابة رسول الله قد انتشروا في مختلف أرجاء العالم وشتى البلدان بعد النبي للقيام بواجب التعليم والدعوة والإرشاد، وكان بلد الله الحرام والطائف والبحرين واليمن والشام ومصر والكوفة والبصرة وغيرها من المدن الكبار مقرًّا لهؤلاء الطائفة المباركة من الصحابة.

وانتقلت دار الخلافة الإسلامية بعد مضي سبع وعشرين سنة من المدينة المنورة إلى الكوفة ثم إلى دمشق، غير أن هذه الحوادث وانتقال دار الخلافة من مكان إلى مكان لم يزلزل تلك الهيبة العلمية والمعنوية والروحية التي قد ترسخت في قلوب الناس تجاه المدينة المنورة، وكانت المدينة المنورة حينذاك محتضنة عدة مدارس علمية ودينية يشرف عليها كل من أبي هريرة وابن عباس وزيد بن ثابت، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .

غير أن أعظم مدرسة شهدتها المدينة المنورة في ذلك الوقت هي زاوية المسجد النبوي التي كانت قريبة من الحجرة النبوية وملاصقة لمسكن زوج النبي ، كانت هذه المدرسة مثابة للناس، يقصدونها متعلمين ومستفتين حتى غدت أول مدارس الإسلام وأعظمها أثرًا في تاريخ الفكر الإسلامي، ومعلِّمة هذه المدرسة كانت أم المؤمنين رضي الله عنها.

هذا وقد تخرج في مدرسة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عددٌ كبير من سادة العلماء ومشاهير التابعين، ومسند الإمام أحمد بن حنبل يضم في طياته أكبر عدد من مروياتها رضي الله عنها.

تعد أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. وكانت (رضي الله عنها) مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا (رضي الله عنهم) يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم. حيث قال أبو موسى الأشعري : ((ما أشكل علينا –أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً)) .
وقد كان مقام السيدة عائشة بين المسلمين مقام الأستاذ من تلاميذه، حيث أنها إذا سمعت من علماء المسلمين والصحابة روايات ليست على وجهها الصحيح،تقوم بالتصحيح لهم وتبين ما خفي عليهم، فاشتهر ذلك عنها ، وأصبح كل من يشك في رواية أتاها سائلاً.
لقد تميزت السيدة بعلمها الرفيع لعوامل مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة، من أهم هذه العوامل:


ذكائها الحاد وقوة ذاكرتها، وذلك لكثرة ما روت عن النبي صلى الله عليه و سلم .
- زواجها في سن مبكر من النبي صلى الله عليه و سلم، ونشأتها في بيت النبوة، فأصبحت (رضي الله عنها) التلميذة النبوية.

- كثرة ما نزل من الوحي في حجرتها، وهذا بما فضلت به بين نساء رسول الله.

- حبها للعلم و المعرفة، فقد كانت تسأل و تستفسر إذا لم تعرف أمراً أو استعصى عليها مسائلة، فقد قال عنها ابن أبي مليكة ((كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه)).

ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الحجرة أول مدارس الإسلام وأعظمها أثر في تاريخ الإسلام. وكانت (رضي الله عنها) تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها، وذلك لما قاله مسروق((سمعت تصفيقها بيديها من وراء الحجاب)).






الإفتاء



قضت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بقية عمرها بعد وفاة النبي كمرجع أساسي للسائلين والمستفتين، وقدوة يُقتدى بها في سائر المجالات والشئون، وقد كان الأكابر من أصحاب رسول الله ومشيختهم يسألونها ويستفتونها.





عائشة تفتي في عهد الخلفاء الراشدين



كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قد استقلت بالفتوى وحازت على هذا المنصب الجليل المبارك منذ وفاة النبي رضي الله عنها، وأصبحت مرجع السائلين ومأوى المسترشدين، وبقيت على هذا المنصب في زمن الخلفاء كلهم إلى أن وافاها الأجل.





بعض الأحاديث التي نقلتها عن المصطفى


أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ". قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.



وأخرج أيضًا عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ. قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا".




متى توفيت؟


قيل: إنها توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تدفن ليلاً، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة ، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر (رضي الله عنهم أجمعين).




هكذا فإننا نلمس عظيم الأثر للسيدة التي اعتبرت نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه،للسيدة التي كانت أقرب الناس لمعلم الأمة وأحبهم، والتي أخذت منه الكثير وأفادت به المجتمع الإسلامي.