المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام يا ناس - متجدد


اميرة عبد الدايم
10-18-2015, 01:43 PM
أنتشرت فى الآونة الأخيرة ومع ظهور الثورات فى البلاد العربية
مجموعات أستغلت الدين وسماحته فى الترويج لأفكار وإصدار فتاوى إهدار دم وتفرقة وتكفير بين أبناء الوطن الواحد
تحت مسمى تطبيق الشريعة الإسلامية وهى من أفكارهم براء وظهرت بصورة كاشفة فى الوطن الغالى مصربصفة خاصة والعالم الإسلامى بصفة عامة أساءت إلى صورة الإسلام والمسلمين فى المجتمعات الأخرى والمراقب لما يحدث يرى نتيجة هذه الأفكار من تقتيل وخراب ودمار وخطف وبلطجة فى بلادنا
حتى جعلتنا فى حيرة من هذا الأمر الذى لايبدو له نهاية جعلتنا أضحوكة العالم لسكوت علماء المسلمين الإجلاء عن مواجهة هذا الإنفلات
وأثناء تجوالى فى محركات البحث لأجد أحد يواجه ذلك بعقلانية وهدوء وجدت مقالات لهذا الرجل الجليل من شيوخ القضاء والمحاماة ذوتاريخ حافل فى كل المجالات يجاهد فى التصدى لهذا الفكر المتشدد بروح الإسلام السمحة
فهوعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وعضو مجمع البحوث الإسلامية
وله العديد من الكتابات منها :
الدين والحياة - الموسوعة الاسلامية - أضواء على الفكر العربي - بسم الله - يارب -من هدي القرآن - ذلك الكتاب لا ريب فيه- على طريق الإيمان- سيوف الله- العهد العمري - باسمك اللهم - حطين - تراجم وسير إسلامية - قرأت لك - المجلة الثقافية - من هدي النبوة - في مدرسة الرسول - من التراث - معركة المصير - مواقف إسلامية - نساء خالدات. من همس المناجاة - إصطباحات وأمسيات الأحباب

http://sphotos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/424138_177834895659999_909094649_n.jpg

أسوأ ما كان قبيل 25 يناير 2011 ، تردى التعليم بأضلاعه الثلاثة ، المدرسة والمدرس والتلميذ ،
وتراجع العملية التعليمية تراجعا مخيفا ، تواكب وإياه تراجع الثقافة والمثقفين ،
وكان ذلك كله ضمن أسباب عجز الحكومة والمجتمع عن التعامل مع معضلات
طفت وتفشت واستشرت ، أصابت المجتمع بأمراض عضال ، بين أطفال الشوارع
الذين ولدوا وعاشوا مشردين بين الأزقة ومقالب الزبالة ومواخير الرذيلة ،
وتعرضوا لكل أنواع الانتهاك الخلقى والآدمى ، واعتداءات على الأنفس
الأغراض يندى لها جبين أى مجتمع لديه ذرة من احترام الإنسان ،
حتى صاروا برد الفعل مدد البلطجة , انتقاما ـ ربما ـ من المجتمع الذى شردهم
وأهانهم ودمرهم ، وتزامن مع ذلك فرز العشوائيات التى عمت البلاد والعباد ،
وطالت مع الفقر المدقع سلوكيات المحشورين فى هذه المخانق بكل الرذائل والموبقات ،
ما بين تعاطى وترويج وتجارة المخدرات ، وكافة صور وأنواع الجنوح التى تفاقمت
فطالت الأسر المحشورة الأجساد والأنفاس ، لتتحرك الغرائز الحيوانية تحت جنح الليل ،
فينفجر زنى المحارم ، فيعاشر الأخ أخته ، والأب ابنته , والابن أمه ، ويرتد هؤلاء التعساء
إلى حيوانية تجذرت ، وصارت أصداؤها شاهدة عليها ، مغذية للمزيد منها ،
حين صار الواحد أبا وخالاً ، والواحدة أما وعمة , والأب أبا وجدًّا ، والأم أمًّا وجدة ،
ولم يعد بوسع أحد أمام هذا الانفلات أن يجفف الينابيع ناهيك بمعالجة هذه الأسقام التى استشرت .

عن هذا وغيره ، كتبت سلسة مقالات نشرت بجريدة الأهرام ، اعتبارا من 14/9/2006 ،
ضمن سلسلة اتخذت من خفوت أو ضياع الانتماء الوطنى عنوانا لموضوعاتها المتنوعة
التى تناولت أثر ضعف الانتماء فى قضايا الأمن ، والتعليم , والثقافة , والصناعة ,
والاجتماع , والطفولة , والعمل , والإنتاج , والجنوح ، والجموح ،
وأعدت نشر هذه المقالات التى قرعت فيها الأجراس ـ أعدت نشرها مجمعةً
بكتاب الهلال ـ العدد 683 ـ الصادر فى نوفمبر 2007 ، تحت عنوان : " الهجرة إلى الوطن " ـ
رأيته ، أى العنوان , الأكثر تعبيراً عن الرسالة التى أردت توصيلها للجميع ،
وحذرت ضمن ما حذرت فيها ، حين تناولت الأمن والانتماء الوطنى ،
من أن الدولة قذفت بكل هذه المشاكل والأسقام والمعضلات فى أحضان الأمن ،
معتمدة على القبضة الحديدية القمعية .. دون أن يلتفت أحد إلى أن القبضة الحديدية
تخيف ولا تعالج ، وإلى أن القمع يكتم ولا يداوى ، فكان أن ظلت الأحوال على ما هى عليه ،
بل تفاقمت الأمراض والأسقام حتى صارت داءً وبيلا !!!

كنا فى 25 يناير 2011 ، غارقين حتى النخاع فى هذه الجنوحات ، وكان الأمل أن نبدأ فى العلاج ،
وأن نتعاطى الدواء مهما كان مرًّا ، بيد أن المؤسف أن الجنوح بدلاً من أن يلتمس التصحيح ،
صار مطلبا يجرى عليه سباق محموم ، لم يتوقف على البلطجية والجانحين ،
بل تسابق فى مضماره كثيرون كانوا أصلا من أسوياء الناس ..
ظن البعض أن الانتفاضة ـ وسمها الثورة إن شئت ـ تبرر هذه المسالك الجانحة
التى انفجرت حتى طالت المجتمع كله .. لم تقتصر توابع الفوضى فيما رويته لك
فى أكثر من عشرين مقالا ، على الارتباك الدستورى القانونى الإدارى ، بل طال سلوك الناس ،
وضرب للأسف ما تبقى من منظومة الأخلاق .. لم تقتصر فوضى البلاغات
على ابتعاد المبلغين عن الحقيقة وعن مقتضيات العدل والإنصاف ، وإنما خشى
المسئولون من محاسبة صاحب البلاغ الكاذب ورده إلى السواء ،
مع أن القانون يوجب مساءلته عن البلاغ الكاذب وعن القذف والسب والشهادة الزور ..
ولم يقتصر دور المطالبين بالعدل على رفع طلباتهم أو شكاياتهم إلى النيابة والقضاء ،
وإنما أبوا إلاَّ أن يُحِلَّ الواحدُ منهم نفسه محل المحقق والقاضى ، ليتهم من يشاء ،
ويقضى عليه بما يشاء ، فإذا صادف أن حكم القضاء على غير مطلبه أو هواه ،
حول الدفة ليتهم القضاء ذاته فى حكمه وفى عدله بل وفى استقامته وذمته ..
لم يعد أحد يلتزم حده ، أو يلتزم دوره ، أو يلتزم علمه ، أو يلتزم معرفته ،
أو يلتزم حدود الدين ، أو العرف ، أو القانون .. صار الكل قضاة ووزراء
وعلماء وعارفين وفقهاء وأوصياء على الدنيا والدين !!

من المؤسف جدا أن يقترن تقديم الدين ، باللعب فى أصول ومبادئ وأحكام وأخلاق الدين ،
وأن تقترن الوصاية الدينية بأخطاء فادحة فى فهم الدين ، وقصور شديد فى ترجمة مبادئه
وأحكامه إلى سلوك يستهدى ويلتزم بهذه المبادئ والأحكام !!

أنت لا بد أن تدرك ذلك ، وتفجع له ، حين ترى الأكاذيب والتارات والشماتات والانتقامات والتشفيات ،
وحين ترى العنف والبطش والقسوة والإيذاء والانتقام ، وحين ترى غياب قيم العدل والإحسان ,
والحلم والنصح , والوفاء والبر , والعفو والتسامح ، وغياب سجايا الرحمة والرأفة والرفق والإيلاف !

من الغريب المفجع أن نتردى فى كل ذلك ، بينما نرفع شعار الدين ،
متصورين أننا بالشعار قد التزمنا الدين حقيقةً لا ادعاءً ،
بينما الواقع أننا نزداد فيما أراه وألمسه ابتعادًا عن الدين .
الدين ليس محض قيم بل هو قيم وسلوك , وليس محض حلية وإنما هو معاملة .
الدين معاملة وسلوك ، فهل اقتربت وتقترب معاملاتنا وسلوكياتنا من الدين ،
أم أننا نبتعد عنه ابتعاداً لا تجدينا فيه الشعارات . هذا حقيقة هو السؤال !

__________________