المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غزوات الرسول عليه الصلاة و السلام و سراياه


فارس
08-17-2016, 03:07 PM
ما هي غزوات الرسول عليه الصلاة و السلام ؟
من الثّابت في الصّحيحين أنّه قيل لزيد بن أرقم : " كم غزا النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - من غزوة ؟ قال : تسع عشرة ، قيل : كم غزوة أنت معه ؟ قال سبع عشرة قلت ، ـ القائل هو أبو اسحاق السبيعي الرّاوي عنه - فأيّهم كانت أوّل ؟ قال : العسيرة أو العشيرة " .
و أمّا أهل السّير فقد نقلوا أنّ غزوات النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - كانت خمس و عشرون ، و قيل سبع و عشرون ، و قيل تسع و عشرون .
و قد ذكر الحافظ ابن حجر بعدما أورد هذه الأقوال طريقةً للجمع بينها ، و منها أنّ من أشار إلى العدد الكثير احتسب كلّ وقعة على حدى ، حتى و إن كانت قريبةً مع غيرها في الزّمن ، و أنّ من أشار إلى العدد القليل أو المتوسّط ربّما قام بجمع غزوتين متقاربتين زماناً ، و بالتالي قام باحتسابهما كغزوة واحدة ، مثل الخندق و بني قريظة و حُنين و الطائف .
و أمّا السّرايا فقد كانت أكثر عدداً من الغزوات ، و أمّا الخلاف في عدد أنّها من نحو الأربعين إلى السّبعين سريةً ، و قد أشار الحافظ في الفتح في آخر كتاب المغازي : " و قرأت بخطّ مغلطاي أنّ مجموع الغزوات و السّرايا مائة ". و قد ذُكر أنّ عدد مغازي الرّسول - صلّى الله عليه و سلّم - التي غزاها بنفسه هي سبع و عشرون غزوةً ، و أنّ السّرايا التي بعثها كانت سبعاً و أربعين سريّةً ، و قد قاتل في تسع غزوات هي : بدر و أحد و المريسيع و الخندق و قريظة و خيبر و فتح مكّة و حُنين و الطائف .
و أمّا بعض الرّوايات فقد ذكرت أنّه قد قاتل في بني النّضير أيضاً ، و لكنّ الله سبحانه و تعالى قد جعلها له نفلاً خاصّاً ، و قد قاتل في غزوة وادي القرى بعد انصرافه من خيبر ، و قاتل في الغابة .
و أمّا غزوات النبي - صلّى الله عليه و سلّم - فيمكن ذكرها على النّحو التالي :
- غزوة ودان - غزوة بواط - غزوة العشيرة - غزوة بدر الكبرى - غزوة بني سليم - غزوة بني قنيقاع - غزوة السّويق - غزوة ذي قرقرة - غزوة ذي أمر و غطفان - غزوة بحران - غزوة أحد - غزوة حمراء الأسد - غزوة بني النّضير - غزوة ذات الرّقاع - غزوة بدر الأخيرة - غزوة دومة الجندل - غزوة الخندق - غزوة بني قريظة - غزوة بني لحيان - غزوة الغابة - غزوة بني المصطلق - غزوة الحديبية - غزوة خيبر - غزوة وادي القرى - غزوة مؤتة - غزوة الفتح الأعظم - غزوة حُنين - غزوة الطائف - غزوة تبوك .
أشهر غزوات الرسول عليه الصلاة و السلام :
قام النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - بالعديد من الغزوات ، نذكر منها على وجه التفصيل :
- غزوة حمراء الأسد : قام الرّسول - صلّى الله عليه و سلّم - بغزوة حمراء الأسد في يوم الأحد لثمان ليالٍ مضت من شهر شوّال ، في سنة اثنين و ثلاثين شهراً من الهجرة . و قد كانت هذه الغزوة بعد غزوة أحد ، فلمّا صلّى الرّسول - صلّى الله عليه و سلّم - صلاة الصّبح أمر بلالاً أن ينادي بالنّاس : " أنّ رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - يأمركم بطلب عدوّكم ، و لا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس " . و قد قال جابر بن عبد الله للنّبي صلّى الله عليه و سلّم : " إنّ أبي خلفني يوم أحد على أخوات لي ؛ فلم أشهد الحرب ، فأذن لي أن أسير معك " ، فأذن له النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - و لم يخرج أحد لم يشهد قتال أحد سواه . و قد أعطى النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - اللواء لعلي بن أبي طالب و هو مازال معقوداً من أحد لم يُحلّ ، و يقال أنّ أبا بكر الصّديق خرج و هو مجروح في وجهه ، و رباعيته قد شظيت . و قد ركب النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - فرساً ، و خرج النّاس معه ، ثمّ أرسل ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم ، فلحق اثنان منهم القوم و هم بحمراء الأسد ، و هي منطقة تبعد عن المدينة مسافة عشرة أميال على طريق العقيق ، و قد كان القوم يأتمرون بالرّجوع ، وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك . فلما بصروا الرّجلين الذين بعثهما النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - لحقوا بهما ، ثمّ مضوا ، و عسكر النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - مع أصحابه في حمراء الأسد ، فقام بدفن الرّجلين في قبر واحد . و قد انتشر صوت معسكر المسلمين في كلّ مكان ، و علت نيرانهم حتّى أنّهم كانوا يوقدون في تلك الليالي خمسمائة نار تُرى من المكان البعيد ، فكبت الله عدوّهم ، و جعل الدّائرة النّفسية عليهم ، ثمّ رجع النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - إلى المدينة ، و دخلها في يوم الجمعة ، و كان غيابه عنها خمس ليالٍ ، و قد استخلف على المدينة في غيابه عبد الله بن أمّ مكتوم .
- غزوة ذات الرقاع : بقي النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - في المدينة بعد غزوة بني النّضير شهر ربيع الآخر، و بعضاً من جمادى الأولى ، و ذلك في بداية السّنة الرّابعة بعد الهجرة ، ثمّ قام بغزو نجد ، و هو يريد بني محارب و بني ثعلبة ، و قد استعمل على المدينة أبا ذرّ الغفاري ، أو عثمان بن عفّان رض الله عنهما . و قد سمّيت هذه الغزوة بذات الرّقاع لأنّ أقدام المسلمين قد نقبت ، و كانوا يلفون عليها الخرق ، و لذلك سمّيت بذات الرّقاع . و قد لقي النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - بنجل جماعةً من غطفان ، فاتفقوا على أن لا تكون هناك حرب بينهم ، و قد صلّى النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - يومها صلاة الخوف ، و في هذه الغزوة جاء رجل من بني محارب بن خصقة ، و اسمه غورث بن الحارث ، فأخذ سيف الّنبي - صلّى الله عليه و سلم - و قام بهزّه ، فقال :" يا محمّد من يمنعك مني ؟ قال : الله ، فردّ غورث السّيف مكانه ، فنزل في ذلك : " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ". و في هذه الغزوة أيضاً رمى رجل من المشركين رجلاً من الأنصار كان ربيئةً لرسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - فجُرح و هو يقرأ سورةً من القرآن ، فتمادى في القراءة ، و لم يقطعها مع ما أصابه ، و في هذه الغزوة قُصرت الصّلاة .
- غزوة دومة الجندل : لقد خرج النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - في شهر ربيع الأول في سنة خمس للهجرة لغزوة دومة الجندل ، لأنّه وصله أنّ بها جمعاً يريدون الاقتراب من المدينة ، و قد كان بينها و بين المدينة خمس عشرة ليلة ، و قد استعمل النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - على المدينة سباعة بن عرفطة الغفاري ، و قد خرج في ألف من المسلمين ، و قد كان معه دليل من بني عذرة يقال له مذكور ، فلمّا اقترب منهم ، فإذا هم مغربون ، فهجم على الماشية و الرّعاة فأصاب من أصاب منهم ، و هرب بعضهم ، و لمّا وصل الخبر إلى أهل دومة الجندل تفرّقوا ، و نزل رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - بهم ، و لم يجد فيها أحداً ، و جلس فيها أيّاماً ، فلم يُصب منهم أحداً ، و رجع النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - بعدها إلى المدينة المنوّرة ، و وادع في تلك الغزوة عينية بن حصن .
- غزوة الغابة : عندما أغار عيينة بن حصين الفزّاري في بني عبد الله بن غطفان على لقاح النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - و التي كانت في الغابة ، قام باستياقها ، ثمّ قتل راعيها ، و كان رجلاً من عسفان، و احتملوا امرأته . قال عبد المؤمن بن خلف : " و هو غريب جدّاً ، فجاء الصّريخ ، و نودي : يا خيل الله اركبي " . ثمّ ركب النّبي - صلّى الله عليه و سلّم مقنعاً من الحديد ، و كان أوّل من أتى إليه هو المقداد بن عمرو في الدّرع و المغفر ، فقام النّبي -صلّى الله عليه و سلّم - بعقد اللواء له في رمحه ، و قال له : " امض حتى تلحقك الخيول ، إنّا على أثرك " ، و قد استخلف النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - ابن أمّ مكتوم على المدينة . و قد أدرك سلمة بن الأكوع القوم ، و هو على رجليه ، فجعل يرميهم بالنبل و هو يقول : خذها و أنا ابن الأكوع و اليوم يوم الرّضع . حتى أنّه وصل إلى ذي قرد ، و قد استنفذ منهم جميع اللقاح و ثلاثين بردةً ، قال سلمة : " فلحقنا رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - و الخيل عشاء ، فقلت : يا رسول الله ، إنّ القوم عطاش ، فلو بعثتني في مائة رجل استنفذت ما في أيديهم من السّرح ، و أخذت بأعناق القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ملكت فأسجح . ثمّ قال : إنهم الآن ليقرون في غطفان " . ثمّ ذهب النّداء في المدينة إلى بني عمرو بن عوف ، فبعثوا بالإمدادات و الخيل والرّجال يأتون على قدم و ساق ، يمشون أو على ظهور الإبل ، حتّى وصلوا إلى النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - بذي قرد ، و قد كانت غزوة الغابة بعد غزوة الحديبية .
أشهر سرايا الرسول عليه الصلاة و السلام :
بعث النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - السّرايا لعدّة أمور مختلفة ، و من أهمّ هذه السّرايا :
- سرية قتل كعب بن الأشرف : عُرف عن كعب بن الأشرف أنّه كان شديد الأذى للنبي - صلّى الله عليه و سلّم - حيث كان يهوديّاً و أمّه من بني النّضير ، و كان يذكر نساء الصّحابة في أشعاره ، و في وقت موقعة بدر ذهب إلى مكّة ، و كان يؤلّب الكفّار على النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - و على المؤمنين ، ثمّ عاد إلى المدينة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : " من لكعب بن الأشرف ، فإنّه قد آذى الله و رسوله " ، فانتدب له محمد بن مسلمة و عبّاد بن بشر و أبو نائلة و اسمه سلكان بن سلامة و هو أخو كعب من الرّضاع ، و الحارث بن أوس و أبو عيسى بن جبر ، و قد أذن لهم رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - أن يقولوا ما شاؤوا من كلام يخدعونه به . فذهبوا إليه و كانت ليلةً مقمرةً ، و قد شيّعهم رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - إلى بقيع الفرقد ، فلما انتهوا إليه ، قدّموا سلكان بن سلامة إليه ، و أخبرهم بموافقته على الإنحراف عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، و شكا إليه ضيق الحال ، ثمّ أراد أن يبيعه و أصحابه طعاماً ، و يعطوه سلاحهم رهناً مقابل ذلك ، فوافقهم إلى ذلك . ثمّ رجع سلكان إلى أصحابه ، فأخبرهم بما حصل معه ، فأتوه ، ثمّ خرج إليهم من حصنه ، و تمشّوا ثمّ وضعوا سيوفهم عليه ، و وضع محمد بن مسلمة مغولاً كان معه في ثنّته فقتله ، و صاح كعب بن الأشرف صيحةً شديدةً ، قامت بإفزاع من حوله ، ثمّ أوقدوا النّيران ، و عاد الوفد حتّى رجعوا إلى رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - من آخر الليل ، و قد كان قائماً يصلي ، و كان الحارث ابن أوس قد جرح ببعض سيوف أصحابه ، فتفل عليه النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - فبرئ ، ثمّ أذن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في قتل من وجد من اليهود و ذلك لنقضهم عهده ، و محاربتهم لله و لرسوله .
- سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي : بعث النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - سريّة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن ، و هذا جبل يقع بناحية فايد ، و فيه مياه لبني أسد بن خزيمة ، و كان ذلك في سنة خمسة و ثلاثين شهراً من الهجرة . و كان سبب هذه السّرية أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بلغه أنّ طليحة و سلمة ابني خويلد قد صارا في قومهما ، و أنّ من أطاعهما فإنّهما يدعوانه إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه و سلم ، فقام رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - بدعوة أبي سلمة ، ثمّ عقد له لواءً ، و أرسل معه مائةً و خمسين رجلاً من المهاجرين و الأنصار ، ثمّ قال : " سر حتى تنزل أرض بني أسد ، فأغر عليهم قبل أن تلاقي عليك جموعهم " ، فخرج أبو سلمة و أسرع ، و سبق الأخبار ، ثمّ وصل إلى أدنى قطن ، فأغار على صرح لهم فضمّوه ، و أخذوا ثلاثة رعاء لهم مماليك ، ثمّ أفلت سائرهم ، فرجعوا إلى قومهم ليحذّروهم ، فتفرّقوا في كلّ جهة ، و فرّق أبو سلمة أصحابه في ثلاث فرق ، يطلبون النّعم و الشّياه ، فرجعوا سالمين ، و قد أصابوا إبلاً و شياهً ، و لم يلقوا أحداً في طريقهم ، فرجع أبو سلمة بكلّ ذلك إلى المدينة .
- سرية عبد الله بن أنيس : بعث النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهزلي بعرنة ، و قد خرجت هذه السّرية من المدينة في يوم الإثنين ، الموافق لخمس ليال مضت من شهر المحرّم ، في بداية سنة خمسة و ثلاثين شهراً من الهجرة . و قد كان سبب هذا السّرية أنّه قد بلغ رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - أنّ سفيان بن خالد الهزلي قد جمع النّأس لقتال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فأرسل إليه النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - عبد الله بن أنيس ليقتله ، فقال عبد الله للنبي صلّى الله عليه و سلّم : " صفه لي يا رسول الله ، قال : إذا رأيته هبته ، و فرقت منه و ذكرت الشّيطان . قال : و كنت لا أهاب الرّجال ، و استأذنت رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - أن أقول ، فأذن لي ، فأخذت سيفي و خرجت أعتزي لخزاعة ، حتّى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي و وراءه الأحابيش و من انضوى إليه ، فعرفته بنعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وهبته ، فرأيتني أقطر ، فقلت صدق الله و رسوله ، فقال : من الرّجل ؟ فقلت : رجل من خزاعة ، سمعت بجمعك لمحمّد فجئت لأكون معك قال : أجل إنّي لأجمع له ، فمشيت معه ، و حدّثته ، و استحلى حديثي ، حتّى انتهى إلى خبائه و تفرّق عنه أصحابه ، حتّى إذا هدأ النّاس و ناموا ، اغتررته فقتلته ، و أخذت رأسه ، ثمّ دخلت غاراً في الجبل ، و ضربت العنكبوت عليّ ، و جاء الطلب فلم يجدوا شيئاً ، فانصرفوا راجعين . ثمّ خرجت فكنت أسير الليل ، و أتوارى بالنّهار حتى قدمت المدينة ، فوجدت رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - في المسجد ، فلمّا رآني قال: أفلح الوجه ، قلت : أفلح وجهك يا رسول الله ، فوضعت رأسه بين يديه ، و أخبرته خبري ، فدفع إليّ عصا ، و قال : تحضر بهذه في الجنّة ، فكانت عنده ، فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه ففعلوا "، و قد غاب عبد الله ثماني عشرة ليلةً .