المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بلدة طيبه ورب غفور


فارس
12-20-2016, 08:12 AM
يقول الله تعالى فى كتايه الكريم


لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19


يقول تعالى ذكره: لقد كان لسبأ في مسكنهم علامة بينة، وحجة واضحة على أنه لا رب لهم إلا الذي أنعم عليهم النعم التي كانوا فيها.

وسبأ تقع فى بلاد اليمن


وأما قوله (جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ) فإنه يعني: بستانان كانا بين جبلين، عن يمين من أتاهما وشماله.
وكان من صنفهما فيما ذُكر لنا ما حدثنا محمد بن بشار قال ثنا سليمان قال ثنا أَبو هلال قال سمعت قتادة في قوله ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ) قال: كانت جنتان بين جبلين فكانت المرأة تخرج مكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين، فيمتلىء مكتلها، وما مست بيدها،
فلما طغوا بعث الله عليهم دابة، يقال لها " جُرَذ " فنقبت عليهم فغرقتهم، فما بقي لهم إلا أَثْل، وشيء من سدر قليل.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ...) إلى قوله فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ

قال: ولم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط، ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية، وإن كان الركب ليأتون وفي ثيابهم القُمَّل والدواب، فما هم إلا أن ينظروا إلى بيوتهم، فتموت الدواب، قال: وإن كان الإنسان ليدخل الجنتين، فيمسك القفة على رأسه فيخرج حين يخرج، وقد امتلأت تلك القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده، قال: والسّدُّ يسقيها.

ورفعت الجنتان في قوله (جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ) ترجمة عن الآية، لأن معنى الكلام: لقد كان لسبأ في مسكنهم آية هي جنتان عن أيمانهم وشمائلهم.


وقوله (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) الذي يرزقكم من هاتين الجنتين من زروعهما وأثمارهما، (وَاشْكُرُوا لَهُ) على ما أنعم به عليكم من رزقه ذلك، وإلى هذا منتهى الخبر، ثم ابتدأ الخبر عن البلدة فقيل: هذه بلدة طيبة أي ليست بسبخة،

ولكنها كما ذكرنا من صفتها عن عبد الرحمن بن زيد أن كانت كما وصفها به ابن زيد من أنه لم يكن فيها شيء مؤذٍ؛ الهمج والدبيب والهوام (وَرَبٌّ غَفُورٌ) يقول: ورب غفور لذنوبكم إن أنتم أطعتموه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) وربكم غفور لذنوبكم، قوم أعطاهم الله نعمة، وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته.

بها وصدت عن اتباع ما دعتها إليه رسلها من أنه خالقها.
( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) يقول تعالى ذكره: فثقبنا عليهم حين أعرضوا عن تصديق رسلنا سدهم الذي كان يحبس عنهم السيول.

وقوله ( وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ ) يقول تعالى ذكره: وجعلنا لهم مكان بساتينهم من الفواكه والثمار

بساتين من جنى ثمر الأراك، والأراك هو الخمط
قتادة ( ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) قال: بينما شجر القوم خير الشجر، إذ صيره الله من شر الشجر بأعمالهم.

وقوله ( ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلنا بهؤلاء القوم من سبأ من إرسالنا عليهم سيل العرم،

حتى هلكت أموالهم، وخربت جناتهم، جزاءً منَّا على كفرهم بنا، وتكذيبهم رسلنا، و " ذَلِكَ" من قوله (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ) في

موضع نصب بموقوع جزيناهم عليه، ومعنى الكلام: جزيناهم ذلك بما كفروا.

فهذه سنه الله فى خلقه على مر العصور من شكر النعم استقرت ومن كفرها فرت