المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كُلنا إلى الله راجعون


فارس
02-21-2017, 07:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى }

تأخذنا الدنيا بزخرفها وبريقها .. نتقلب فيها من حال إلى حال .. من نعمة إلى نقمة ومن فرح إلى حزن ومن ضحك إلى بكاء
وتمر بنا الأيام نحصر فيها آمالنا وأمانينا في أمور قد جبلت عليها النفس البشرية من حب المال والولد والجاه والمنصب وقد
غفلنا عن الغاية الجليلة التي خلقنا الله من أجلها .. يقول عز وجل في كتابه الكريم :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }

نعم عبادة الله وحده لا شريك له تلك هي الغاية النبيلة التي خُلق الإنسان من أجلها ومن أجلها وجُد في هذه الدنيا .. ولكن
قليل أولئك الذين سعوا لها وحققوها وحققوا مراد الله في خلق الانسان وعملوا على نجاتهم من بأسه جل وعلا وغضبه
وفجاءة نقمته .. وكثير هم من غفلوا عنها واشتغلوا عن الطاعات واعرضوا عن فعل الصالحات وأقبلوا على دار الغرور
ومستوطن الشرور ونسوا ساعة الرحيل ونسوا يوماً عبوساً قمطريرا ..

كم يوم غابت شمس وقلبك غائب .. وكم ظلام أُسبل سترهَ وأنت في عجائب
وكم أُسبغت عليك نعمة وأنت للمعاصي تُواثب .. وكم صحيفة ملأها بالذنوب
الكاتب ، وكم ينذرك سلب رفيقك وأنت لاعب ، يا من يأمن الإقامة قد زُمت
الركائب ، أفق من سكرتك قبل حسرتك على المعايب وتذكر نزول حفرتك
وهجران الأقارب ، وانهض عن بساط الرقاد وقل : أنا تائب وبادر تحصيل
الفضائل قبل فوت المطالب
فالسائق حثيث والحادي مُجدٌ والموت طالب.

فهنيئاً لمن عمرت قلوبهم بمخافة الله تعالى ومن الوقوف بين يديه الذين لا يكترثون بزهوة الدنيا ولا يحزنون على فواتها
ولا تنقطع أنفاسهم لاهثة وراء طلبها .. ومهما حُرموا فيها فلا يبالون لأنهم يعلمون أن في ذلك رحمة من الله تعالى وحكمة
نعم لأنهم أدركوا إنها ما هي إلا دار فناء .. وكلنا فيها إلى زوال ومهما طال عمرها فسوف يأتي يوم سيحشر فيه كل الأنام
وتعرض الخلائق على الرحمن وترجع كل نفس إلى بارئها وخالقها وتحاسب على الأقوال والأفعال .. والحركات والسكنات
والهفوات والزلات فتسود وجوه وتبيض وجوه
{ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }

من ذا الذي يبني على موج البحر داراَ ؟! تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا

وطوبي لمن أعد عدته وحسب لرجعته حساباً وأعد للسؤال جواباً وتزود للقاء وهو يرجو النجاة في يوم لا ينفع فيه
مال ولا يرفع فيه جاه فلمثل هذا اليوم يعمل اللبيب .. ففيه صاحب العمل الصالح يظفر .. وفيه صاحب السوء يخيب

اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك ونعوذ بك من أن نُذكر الناس بك وننساك ونعوذ بك أن تسخط علينا يوم نلقاك
ونسألك يا ربنا أن نهتدي بهُداك وأن نسير على خطى نبيك ومصطفاك ... اللهم أعنا على ما ننال به رضاك
وارزقنا ما يعيننا على خوفك وتقواك وارزقنا الإخلاص في القول والعمل