المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم العبادة فى الإسلام


فارس
02-21-2017, 07:27 AM
العباده هى الطاعة ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية تلزم الناس بأنواع الطاعة بعضهم لبعض، حيث تجب الطاعة لولى الأمر ،والأب ،والزوج ،والرئيس،إلخ ...لكن هذه الطاعات كلها مقيدة بحدودها الشرعية ،لكن الإسلام يلزم المسلمين بنوع من الطاعة المطلقة غير المقيدة بحدود ،وذلك لله تعالى وحده ، وتلك هى (العبادة) فى معناها الحقيقى :طاعة وخضوع واستسلام مطلق عن أى شرط أوقيد.

*ومهما يكن فضل الإنسان على غيره من الناس وإحسانهم إليه ورعايته لهم – فإن هذا كله لا يقارن على أى نحو بفضل الله تعالى على خلقه : أو ليس هو الذى أوجدهم من العدم وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنه مما لا يمكنهم معه مجرد حصره وعده ؟ فلا يقارن حقه عليهم بحق غيره كائنا من كان.
*وحق الله تعالى على عباده هو أن يعبدوه فى طاعة مطلقة غير مقيدة كما ورد فى حديث النبى الكريم لمعاذ بن جبل رضى الله عنه حين قال له : (يامعاذ أتدرى ما حق الله على عباده ) ؟ قال معاذ الله ورسوله أعلم .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، ثم قال :( أتدرى ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك ؟). قال معاذ الله ورسوله أعلم .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(أن لا يعذبهم).

*والبراءة من الشرك تقتضى أن يفرد الإنسان الله سبحانه وتعالى وحده بمنزلة الطاعة المطلقة التى لا يشاركه - ولا يقاربه - فيها غيره ، وأن يؤمن بالقضاء والقدر ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن الإنس والجن لو اجتمعوا على أن ينفعوه لم ينفعوه إلا بشئ قد كتبه الله تعالى له ، ولو اجتمعوا على أن يضروه لم يضروه الا بشئ قد كتبه الله عليه ، فمن اعتقد أن شيئا أوشخصا ينفعه أويضره ( من دون الله) فقد أشرك ، ومن صرف شيئا من أعمال العبادة أو أقوالها أومعتقداتها إلى غير الله . فقد أشرك ومن العبادة الركوع والسجود والنذر والإستعاذة والدعاء ....وكل قربة لا تنبغى لغير الله تعالى.

*وقد حرص الإسلام (الدين القويم )على أن يحقق أتباعه العارفون معنى إخلاص العبادة لله تعالى ، فى كل شئ من عقيدتهم وأقوالهم وأفعالهم ،حين حرم ايضا القسم بغير الله ، والتسمى بعبودية غير الله وتسمية الناس بكل اسم لا ينبغى إلا لله مثل( ملك الملوك) ونحو ذلك.
وقد جرى الإصطلاح على أن العبادات تشمل ما ورد فى الحديث الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم (بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإيتاء الذكاة وحج البيت وصوم رمضان) وبالشهادتين يدخل الإنسان الإسلام ، ثم تكون عباداته ، الصلاة والصيام والذكاةوالحج.
لكن هذا هو المعنى الإصطلاحى الخاص للعبادة ،أما معناها العام فهو أشمل من ذلك بكثير ، إذ يعن كل قول أو فعل للمسلم اتجهت نيته فيه إلى كونه يقوم به (طاعة لله تعالى وامتثالا لأمره )،وهنا يدخل معنى العباده كل عمل دنيوى قصد فيه معنى طاعة الله تعالى ، وأن كان فيه حظ النفس والرغبة وإن كان فيه قضاء الشهوة .ومن هنا كان وضع الشهوة فى حلال (صدقة) وعملا من أعمال البر والخير يثاب عليه المسلم ،كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (...وفى بضع أحدكم صدقة ) قالوا: يارسول الله، أيأتى أحدنا شهوته ويكون له أجر ؟ قال (أرأيتم لو وضعها فى حرام ، أكان عليه فيها وزر، فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر).

*وأيضا فيما روى من حديث .تبسمك فى وجه اخيك لك به صدقة ) رواه الترمذى عن أبى ذر بزيادة (وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ،وإرشادك للرجل فى أرض الضلال لك صدقة ) رواه أحمد والترمذى وابن حبان عن أبى الدرداء.
وحينئذ تأخذ كل أعمال المسلم وأقواله طابع (العبادة ) ولو كان محض أعمال دنيوية كالأكل والشرب والسعى فى طلب الرزق لإعفاف النفس والغير مادامت نية الطاعة وراء هذا كله .

بل إن الإمتناع عن فعل المحرمات يدخل فى معنى (العبادة ) أيضا إذا كانت نية الطاعة وراءه ، ومن ثم جاز أن يستشفع الإنسان بهذا الإمتناع لتفريج الكربات ،كما فى حديث النفر الثلاثة الذين كانوا فى غار أغلقته صخرة من الجبل ،حيث استشفع ثانيهم بإمتناعه عن الزنا بإبنة عمه التى كان يحبها أشد الحب لما ناشدته الله ،فامتنع طاعة له وابتغاء مرضاته .
وحين نكتب عن ( العبادات ) بمفهومها الاصطلاحى الخاص ، ينبغى أن لا يغيب عن ذهننا أن الحياة الصحيحة للمسلم ينبغى أن يتحقق فى كل وقت منها معنى (العبادة ) بمفهومها الشامل لكل نشاط أو امتناع عن عمل أو قول بل أن صمت المسلم وتفكره يكون عبادة وذكرا .

وحين نضع فى ذهننا هذا المعنى الشامل تسقط على الفور كل دعوى باطلة لفصل جانب من الحياة عن الدين والعبادة ،فإذا جاز فى عقيدة أخرى أن يكون هناك ما لله وما لقيصر - ينبغى أن يكون الله تعالى وحده دون شريك أو شبه شريك.
والله تعالى أسأل التوفيق والسداد