المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا ينظر الله إلى صوركم ...


فارس
02-22-2017, 06:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أول ما نبدأ به خير الكلام الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين
كلامنا اليوم سيكون عن القلوب بعون الله
القلب مرآة النفس ونور للدرب وصلاح للدنيا عطر للروح ولذلك سمي القلب من تقلبه وإنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة بأصل شجرة تقلبها الريح ظهرا ببطن ولما كانت القلوب كذلك و هي بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
فتعالوا رحمنا ورحمكم الله ان نستكشف قلوبنا أين هى وأين مكاننا فى هذه القلوب؟؟؟
سمى القلب لكثرت تقلبه : لو حاولنا أن نبحث فى سر هذا القلب الضعيف من مخلوقات الخالق العظيم الذى استودع فيه العديد من أسراره :
أخرج الامـام أحمـد بإسناد جيـد ؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

قال : ( ألا وإن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت , فسد الجسد كله ألا وهي القلب)( رواه مسلم )

وقال تعالى
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الحج46

{ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } البقرة225

القلب هو مناط الشقاء والسعادة وهو الذي يجب أن يحرص العبد المسلم المؤمن على مداواته وتفقده في كل حين وبين فترة و أخرى يتعاهده فيسقيه من نبع الإيمان ويجلوه بذكر الرحمن وقد ثبت في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم قوله :

( إن الله لا ينظر الى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله

وقال الحسن البصري رحمه الله ( داوي قلبك فإن حاجة الله من العباد صلاح قلوبهم )

والآن نبدأ بالحديث عن أنواع القلوب ...
( القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السـراج يزهـر ، أغلف مربوط على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح ) .

1- القلب الأجرد قلب محشو بالايمان وليس فيه باب للشيطان فقلب المؤمن سراجه فيه نور وهو قلب منير مطمئن بالإيمان ولما كان كذلك كانت الروح فيه لقوله جل وعلا (وَٱلذِينَ يُؤتونَ مَا ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهم وَجلَةٌ أَنَّهم إِلَىٰ رَبهم رَاجعُونَ ) المؤمنون : 59

فإذا ذكر الله وجل قلبك وإذا فعلت خيرا فعلته وأنت وجل وإذا اطمئن قلبك بذكر الله فأنت على خير وهذا هو مقياس سلامة قلبك وطهره وليكن قلبك ذاكراً وخاليا من الحسد وتحب لأخيك ما تحبه لنفسك وأهم ما يجب أن يسلم القلب منه هو الشرك فلا بد أن يكون قلبك ممتلاء توحيدا لله جل وعلا موحدا له في ربوبيته وتكن العبادة بأنواعها لله تعالى ويكن فيه خوف و خشية و رغبة و رهبة و تعظيم و محبة خالصة لله وان يعرف الله حق معرفته بأسمائه وصفاته .

2- وأما القلب الأ غلف : أي مختوم عليه ، هــو قـلب الكافـــر وليس به من نور الله شيء : قال تعالى (خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قلوبِهِم وَعَلَىٰ سَمعِهِم وَعَلَى أَبصَـٰرِهِم غِشَـٰوَة وَلَهُم عَذَابٌ عَظِيم ْ ) البقرة : 6 ( وَجَعَلناعَلَىٰ قُلُوبِهم أَكِنَّة أَن يَفقهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهم وَقرا) الاسراء : 45 (وَقَولهِم قُلُوبُنَا غُلف‌ بل طَبَعَ ٱللَّهُ عَليها بِكُفرِهِم فَلا يُؤمِنُونَ إِلا قَلِيلا ) النساء : 55أصحاب هذا النوع من القلوب لا يفقهون بقلوبهم شيء وقلوبهم قاسية وشتى وأكثرهم فاسقون .

3- وأما القلب المنكوس : فهو قلب المنافـق ، عرف الحق ولم يعمل به وفضل الكفر على الايمان ثم انتكس وقلب المنافق قلب مريض ( وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَض فَزَادَتهم رِجسًا إِلَىٰ رِجسِهِم وَمَاتُواْ وَهُم ڪـفِرُونَ )التوبة :124 فالقرآن هو مقياس حياة القلوب و موتها ومقياس لحدة أو عدم إبصارها وقياس صحتها و مرضها .

4- وأما القلب المصفح : فيه إيمان ونفاق إستنار بنور الايمان ولكن عليه ظلمة الشهوات وفيه باب للشيطان فمثل الايمان فيه : كمثل البقله يمــدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه : كمثل القرحــه يمدها القيح ، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت على هذا القلب المريض بالشهوات وقال تعالى (يَـٰانِساءَ ٱلنَّبِىِّ لَستُنَّ كأحد مِّنَ ٱلنِّسَاءِ إِنِ ٱتَّقَيتنَّ فَلا تَخضَعنَ بِا ٱلقولِ فَيَطمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلبِهِ مَرَض وَقُلنَ قَولاً مَّعرُوفا ) الاحزاب : 32
هذاالنوع من القلوب إن غلبت مادة الايمان ، اثبت في ديـوان المؤمنيـن وإن غلبت مادة النفاق أثبت في ديـوان المنافقيـن .

فلنحيي قلوبنا بذكر الله ولنغسلها بماء التوبة واليقين فلا ينجو يوم القيامة إلا أصحاب القلوب الحية الطيبة السليمة المؤمنة (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) الشعراء88ـ89 .

نسأل الله أن يرزقني وإياكم قلوبا سليمة مستنيرة على هدي محمد صلى الله عليه وسلم مستقيمة على نهجه و محبة له
ولنكثر من دعاء يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك .