المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دكتور امريكي يعتنق الاسلام ولكنه خجل من السجود


فارس
03-08-2017, 12:18 AM
السلام عليكم





في اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام ، قدّم إليّ إمامُ المسجد كتيباً يشرح كيفية





أداء الصلاة . غير أنّي فوجئتُ بما رأيتـُه من قلق الطلاب المسلمين ، فقد



ألحّوا عليَّ بعباراتٍ مثل:



خذ راحتك



لا تضغط على نفسك كثيراً



من الأفضل أن تأخذ وقتك



ببطء .. شيئاً ، فشيئاً ...



وتساءلتُ في نفسي ، هل الصلاة صعبةٌ إلى هذا الحد ؟



لكنني تجاهلت نصائح الطلاب ، فقررت أن أبدأ فوراً بأداء الصلوات الخمس في



أوقاتها . وفي تلك الليلة ، أمضيت وقتاً طويلاً جالساً على الأريكة في غرفتي



الصغيرة بإضاءتها الخافتة ، حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها ، وكذلك الآيات



القرآنية التي سأتلوها ، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة . وبما أن معظم ما



كنت سأتلوه كان باللغة العربية ، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها العربي ،



وبمعانيها باللغة الانكليزية . وتفحصتُ الكتيّب ساعاتٍ عدة ، قبل أن أجد في



نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى . وكان الوقت قد قارب منتصف الليل ،



لذلك قررت أن أصلّي صلاة العشاء ..



دخلت الحمام ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحاً على الصفحة التي تشرح



الوضوء . وتتبعت التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة ، بتأنٍّ ودقة ، مثل طاهٍ



يجرب وصفةً لأول مرة في المطبخ . وعندما انتهيت من الوضوء ، أغلقت الصنبور وعدت



إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي . إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب



ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء .



ووقفت في منتصف الغرفة ، متوجهاً إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة . نظرت إلى



الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتي ، ثم توجهت إلى الأمام ، واعتدلت في وقفتي



، وأخذتُ نفساً عميقاً ، ثم رفعت يديّ ، براحتين مفتوحتين ، ملامساً شحمتي



الأذنين بإبهاميّ . ثم بعد ذلك ، قلت بصوت خافت الله أكبر .



كنت آمل ألا يسمعني أحد . فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال . إذ لم أستطع التخلص



من قلقي من كون أحد يتجسس علي . وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة .



وتساءلت : ماذا لو رآني أحد الجيران ؟



تركتُ ما كنتُ فيه ، وتوجهتُ إلى النافذة . ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من



عدم وجود أحد . وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية ، أحسست بالارتياح . فأغلقت



الستائر ، وعدت إلى منتصف الغرفة ..



ومرة أخرى ، توجهت إلى القبلة ، واعتدلت في وقفتي ، ورفعت يدي إلى أن لامس



الإبهامان شحمتي أذنيّ ، ثم همست الله أكبر .



وبصوت خافت لا يكاد يُسمع ، قرأت فاتحة الكتاب ببطء وتلعثم ، ثم أتبعتـُها



بسورة قصيرة باللغة العربية ، وإن كنت أظن أن أي عربي لم يكن ليفهم شيئاً لو



سمع تلاوتي تلك الليلة ! . ثم بعد ذلك تلفظتُ بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت ،



وانحنيت راكعاً حتى صار ظهري متعامداً مع ساقي ، واضعاً كفي على ركبتي . وشعرت



بالإحراج ، إذ لم أنحن لأحد في حياتي . ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة .



.وبينما كنت لا أزال راكعاً ، كررت عبارة سبحان ربي العظيم عدة مرات



.ثم اعتدلت واقفاً وأنا أقرأ سمع الله لمن حمده ، ثم ربنا ولك الحمد



أحسست بقلبي يخفق بشدة ، وتزايد انفعالي عندما كبّرتُ مرةً أخرى بخضوع ، فقد



حان وقت السجود . وتجمدت في مكاني ، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي ، حيث



.كان علي أن أهوي إليها على أطرافي الأربعة وأضع وجهي على الأرض



لم أستطع أن أفعل ذلك ! لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض ، لم أستطع أن أذل



نفسي بوضع أنفي على الأرض ، شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده .. لقد خيل لي أن



.ساقي مقيدتان لا تقدران على الانثناء . لقد أحسست بكثير من العار والخزي



وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم ، وهم يراقبونني وأنا أجعل من نفسي



مغفلاً أمامهم . وتخيلتُ كم سأكون مثيراً للشفقة والسخرية بينهم . وكدت أسمعهم



يقولون : مسكين جف ، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو ، أليس كذلك ؟



وأخذت أدعو: أرجوك ، أرجوك أعنّي على هذا .



أخذت نفساً عميقاً ، وأرغمت نفسي على النزول . الآن صرت على أربعتي ، ثم ترددت



لحظات قليلة ، وبعد ذلك ضغطت وجهي على السجادة . أفرغت ذهني من كل الأفكار ،



وتلفظت ثلاث مرات بعبارة سبحان ربي الأعلى .



الله أكبر . قلتها ، ورفعت من السجود جالساً على عقبي . وأبقيت ذهني فارغاً



، رافضاً السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي .



الله أكبر . ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى .



وبينما كان أنفي يلامس الأرض ، رحت أكرر عبارة سبحان ربي الأعلى بصورة آلية



. فقد كنت مصمماً على إنهاء هذا الأمر مهما كلفني ذلك .



الله أكبر . و انتصبت واقفاً ، فيما قلت لنفسي : لا تزال هناك ثلاث جولات



.أمامي



وصارعت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة . لكن الأمر صار أهون في كل



شوط . حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر سجدة . ثم قرأت التشهد في الجلوس



الأخير ، وأخيراً سلـَّمتُ عن يميني وشمالي .



وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه ، بقيت جالساً على الأرض ، وأخذت أراجع المعركة



التي مررت بها . لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك العراك في سبيل



أداء الصلاة إلى آخرها . ودعوت برأس منخفض خجلاً: اغفر لي تكبري وغبائي ، فقد



أتيت من مكان بعيد ، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه .



وفي تلك اللحظة ، شعرت بشيء لم أجربه من قبل ، ولذلك يصعب علي وصفه بالكلمات .



فقد اجتاحتني موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة ، وبدا لي أنها تشع



من نقطة ما في صدري . وكانت موجة عارمة فوجئت بها في البداية ، حتى أنني أذكر



أنني كنت أرتعش . غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي ، فقد أثـّرت في عواطفي



بطريقة غريبة أيضاً . لقد بدا كأن الرحمة قد تجسدت في صورة محسوسة وأخذت تغلفني



وتتغلغل فيّ . ثم بدأت بالبكاء من غير أن أعرف السبب . فقد أخَذَت الدموع تنهمر



على وجهي ، ووجدت نفسي أنتحب بشدة . وكلما ازداد بكائي ، ازداد إحساسي بأن قوة



خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني . ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب ، رغم



أنه يجدر بي ذلك ، ولا بدافع من الخزي أو السرور . لقد بدا كأن سداً قد انفتح



مطِلقاً عنانَ مخزونٍ عظيمٍ من الخوف والغضب بداخلي . وبينما أنا أكتب هذه



السطور ، لا يسعني إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله عز وجل لا تتضمن مجرد



.العفو عن الذنوب ، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضاً



ظللت لبعض الوقت جالساً على ركبتي ، منحنياً إلى الأرض ، منتحباً ورأسي بين كفي



. وعندما توقفت عن البكاء أخيراً ، كنت قد بلغت الغاية في الإرهاق . فقد كانت



تلك التجربة جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات



عقلانية لها . وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها



. أما أهم ما أدركته في ذلك الوقت : فهو أنني في حاجة ماسة إلى الله ، وإلى



.الصلاة



وقبل أن أقوم من مكاني ، دعوت بهذا الدعاء الأخير:



اللهم ، إذا تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى ، فاقتلني قبل ذلك -- خلصني من هذه



الحياة . من الصعب جداً أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب ، لكنني لا



أستطيع أن أعيش يوماً واحداً آخر وأنا أنكر وجودك