المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة لـ التغيير


فارس
04-05-2017, 06:36 AM
***
كانت حياتي...باردة...روتينية...الأ� �س مثل اليوم واليوم مثل الغد...كانت كل الأيام متشابهة..لكنها تغيرت...بعد ذلك اليوم.!
صحوت من النوم الساعة السابعة صباحا...ثم غسلت وجهي وفرشت أسناني...ثم ذهبت إلى المطبخ لأعد الفطور الذي اعتدته يوميا...
وبعد انتهائي من أكلي...ذهبت إلى غرفتي...وبالتحديد إلى خزانتي لأبدل ملابسي...وبعد التبديل ألقيت نظرة على هندامي...ثم عدلت الشماغ قليلا ثم أخذت زجاجة العطر فرششت بضع رشات..ثم ذهبت خارج الغرفة والشقة والمبنى بأكمله..!!
ركبت سيارتي...ثم وضعت المفتاح في موضعه...وشغلت السيارة وحركتها متجها إلى الشركة التي اعمل بها
وفي العمل..
دخلت القسم بخطوات قصيرة بطيئة...وبوجه عبوس...جلست على كرسي مكتبي...دون إلقاء التحية...
رأيت أبو صالح متجهاً إلي...الرجل الكبير بالسن...ألذي منذ تعييني وهو فراش في هذه الشركة...يذهب ويجيء بالقهوة والشاي..!!
ألقى السلام علي بابتسامة مرسومة على فمه الذي لم يبقى داخله إلا بضعة أسنان في طريقها إلى السقوط.!!
وبعد ردي عليه...أكمل قائلا:أتريد أن اعد لك قهوة يا ولدي..
فقلت بأسلوب جاف:لا..شكرا.!
فقال:أو تريد شاي تعدل فيه مزاجك العكر.!!
فقلت بضيق وضح علي:اذهب..لا أريد شيئا...لأني اعلم أن سبب مجيء أبو صالح إلي ..وإصراره على أن يعد لي القهوة أو الشاي مقابل أن أعطيه بضع ريالات لأني أراه دوما يأخذ من زملائي مال بعد إعطائهم القهوة أو الشاي
فذهب أبو صالح...إلي احد الزملاء..ليكرر ما حصل بيني وبينه باختلاف أن زميلي سيشرب القهوة
فقلت في نفسي عندما رأيت زميلي يخرج من محفظته مالا ويعطيه لـ أبو صالح
و بـ نظرات استحقار:شحاذ.!!
وبعد انتهاء العمل
خرجت من الشركة التي عينت فيها قبل سنتين بعد تخرجي من الجامعة بعدة أشهر
وقبل ركوبي السيارة رأيت أبا صالح متجها إلي مسرعا وعلامات الأسى بادية عليه...فانتظرت حتى يجيء ذلك الممثل الماهر...
قال لي بلهجة وضح عليها التوتر:أرجوك يا بني...وصلني إلى المستشفى
استغربت من طلبه ثم قلت مترددا:حسنا...اركب
وفي طريقنا إلى المستشفى سألت أبو صالح:ما الأمر؟؟
فأجاب بنبره حزينة:حفيدي مصاب بورم ويجب استئصاله منذ زمن طويل ولكننا كما تعلم ميسورين الحال ولا نقدر أن ندفع تكاليف العلاج بالكامل...فأنا حتى الآن لم اجمع سوا نصف التكاليف
حينها تفاجأة واحتقرت نفسي حينما ظننت به ظن سوء ونعته بـ الشحاذ والممثل الماهر...فقلت مبادرا:حسنا...سوف أتكفل بباقي التكاليف
وقبل أن يعارض أبو صالح قلت:وأنت سدد لي ما سوف ادفعه بالطريقة التي تريحك.!
فرد أبو صالح بكلمة لم اسمعها منذ زمن:جزاك الله خيرا.!!!
وفي المستشفى جلست على إحدى كراسي الانتظار...ثم شاهدت مناظر أثارت دهشتي.... الشاب المنغولي الذي يدفع الكرسي المتحرك لـ الرجل المقعد الكبير بالسن الذي ينادي بصوت مبحوح:أريد...المدير العام...!!
الأم التي تحمل ابنها الخالي من أي شعرة بجسمه ...ابنها الذي على ما يبدو مصاب بالسرطان....!!
حينها حمدت ربي على النعمة التي انعم علي بها....وأبعدت التشاؤم والعبوس والظن السيئ....وحل مكانهم التفاؤل والابتسامة والظن الحسن..!
***
تمت بحمد الله