المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكعبة رمز التوحيد الخالص


فارس
05-08-2017, 02:06 AM
الكعبة رمز التوحيد الخالص

اقرؤوا أحبائي هذه الآيات حتى تعرفوا مكانة بيت الله الحرام:
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ
﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 125 - 129]؟

مَثَابَةً للناسِ: مرجعًا أو ملجأً، أو موضع ثواب لهم.
وَعَهِدْنا: وصينا أو أمرنا أو أوحينا.
بَيْتِي: الكعبة المشرفة بمكة المكرمة.
أَضْطَرُّهُ: أدفعه وأسوقه.
مُسْلِمَيْنِ لَكَ: منقادين خاضعين مخلصين لك.
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا: عرِّفنا معالم حَجِّنا، أو شرائعه.
وَيُزَكِّيهِمْ: يُطهرهم من الشرك والمعاصي.

واقرأ أيضًا قوله تعالى:
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 35 - 37].

وَاجْنُبْنِي: أبعدني ونَحِّني.
تَهْوِي إِلَيْهِمْ: تُسرع إليهم شوقًا وودادًا.

واقرأ أيضًا قوله تعالى:
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ
﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 26 - 28].

بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ: وطَّأنا أو بيَّنَّا له.
وَأَذِّن فِي النَّاسِ: نادِ فيهم وأعْلِمهم.
رِجَالًا: مُشاة على أرجلهم.
ضَامِرٍ: بعير مهزول من بعد الشقة.
فَجٍّ عَمِيقٍ: طريق بعيد.
بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ: الإبل والبقر، والضأن والمعز.

وبعد قراءة الآيات ومعرفة معاني بعض الكلمات، تعالى بنا نوضح بعض الأسرار العلمية حول بيت الله الحرام، لنرى من خلالها مظاهر التوحيد الخالص لله، التوحيد الخالص في الزمان والمكان والأنفس.

أولاً: أسماء مكة وبيت الله الحرام:
اعلم بُني، لمكة أسماء عديدة، كلها تحمل معاني الجلال والجمال، فهي مكة، وبكة والبيت العتيق، والبيت العتيق والبلد، والبلد الأمين، أم القرى، والقادس، والمقدسة، والحاطمة، والأس، والبلدة، والبينة، والكعبة، والحرم.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا مَن عرَّفها، ولا يُختلى خلاها).

ومكة أحب أرض الله إلى الله وإلى رسول الله، وإلى قلب كل مسلم، وقد رُوي عن عبدالله بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بالحرورة بسوق مكة، يقول: (والله إنك لخير أرض الله إلى الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت).

ويأتي حب مكة في قلوب المسلمين استجابة لدعوة أبيهم إبراهيم الذي سماهم المسلمين؛ حيث دعا الله قائلاً: ﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ﴾ [إبراهيم: 37]، فالبيت الحرام مثابة للناس وأمن، شرَّفه الله بإضافته إليه، فقال: بيت الله الحرام، وجعله محلاً تشتاق إليه الأرواح، ولا تَقضي منه وطرًا، ولو ترددت إليه كل عام، والبيت مطهر من الشرك، جعله الله للطائفين والعاكفين والرُّكَّع السجود، وهو حج الناس، وهو البيت المعظم المشرف المكرم مَن أرادَه.


ثانيًا: مكة مركز الأرض:
والسؤال هو: أين مكة من اليابسة؟

الآن ونحن نجيب على هذا السؤال سنصل معًا وجهًا رائعًا من وجوه إعجاز القرآن الكريم والسنة النبوية، وسنعتمد في إجابتنا على ثلاثة محاور، هي: القرآن والسنة، وأقوال الصحابة، ومعطيات علم الجيولوجيا:
أولاً: من القرآن، ونعتمد هنا على سندين؛ هما:
السند الأول: ذُكِر في آيتين من القرآن الكريم أن مكة سماها الله أم القرى، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بُعِث لينذر أهلها ومَن حولها؛ يقول تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [الأنعام: 92].

﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ [الشورى: 7].

والكتاب في الآيتين هو القرآن الكريم، وأم القرى هي مكة، ومن حول مكة العالمين كما سيتضح في (ثانيًا).

السند الثاني: أرسل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم للناس جميعًا، وهذا ما تقرره آيات كثيرة نذكر منها:
﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33].
﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79].
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ﴾ [النساء: 170].
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158].
﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79].

ومن الآيات السابقة يتضح أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أرسله ربُّه للناس جميعًا، وأنه رحمة للعالمين، وهم كل شيء خلقه الله، ومن ثم فإن ((وَمَنْ حَوْلَهَا)) تشير إلى أن العالم أجمع حول مكة، وأن مكة في المركز.

وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فُضِّلت على الأنبياء بستٍّ: أُعطيت جوامع الكلم، ونُصرت بالرعب، وأُحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتِم بي النبيون).
ثانيًا: من السنة:
رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (كانت الكعبة خشعة على الماء، فدحيت منها الأرض)، والحديث كما يذكر الدكتور زغلول النجار ذكره الهروي في "غريب الحديث" (3 /362)، وذكره الزمخشري في "الفائق في غريب الحديث (1 /371).

• أخرج الطبراني والبيهقي في الشُّعب عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفًا عليه، أنه - أي البيت الحرام - أول ما ظهر على وجه الماء عند خلق السموات والأرض زبدة - بفتح الزاي؛ أي: كتلة من الزبد - بيضاء، فدحيت الأرض من تحته.

ثالثًا: من أقوال الصحابة والعلماء في تفسير قوله تعالى:
﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96].
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: ووضع البيت على أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام، ثم دُحيت الأرض من تحته.

• قال مجاهد وقتادة: لم يوضع قبله بيت؛ (القرطبي، صفحة 88).

• قال ابن كثير: يخبر تعالى أن أول بيت وُضع للناس أي لعموم الناس، لعبادتهم ونسكهم، يطوفون به ويصلون إليه، ويعتكفون عنده، ((لَلَّذِي بِبَكَّةَ))؛ يعني الكعبة التي بناها الخليل عليه السلام.

• عن أبي ذر (رضي الله عنه) قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضُع أولاً؟ قال: (المسجد الحرام)، قلت: ثم أي؟ قال: (المسجد الأقصى)، قلت: كم بينهما؟ قال: (أربعون سنة)، قلت: ثم أي؟ قال: (ثم حيث أدركتْك الصلاة