المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدُّنْيَا


فارس
05-28-2017, 04:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الدُّنْيَا كامرأة بغي لَا تثبت مَعَ زوج إِنَّمَا تخْطب الْأزْوَاج ليستحسنوا عَلَيْهَا فَلَا ترْض بالدياثة

ميزت بَين جمَالهَا وفعالها ... فَإِذا الملاحة بالقباحة لَا تف
حَلَفت لنا أَن لَا تخون عُهُودنَا ... فَكَأَنَّهَا حَلَفت لنا أَن لَا تف

السّير فِي طلبَهَا سير فِي أَرض مسبعَة والسباحة فِيهَا سباحة فِي غَدِير التمساح المفروح بِهِ مِنْهَا هُوَ عين المحزون عَلَيْهِ آلامها مُتَوَلّدَة من لذاتها وأحزانها من أفراحها

مآرب كَانَت فِي الشَّبَاب لأَهْلهَا ... عَذَاب فَصَارَت فِي المشيب عذَابا
طَائِر الطَّبْع يرى الْحبَّة وَعين الْعقل ترى الشّرك غير أَن عين الْهوى عمياء
وَعين الرِّضَا عَن كل عيب كليلة ... كَمَا أَن عين السخط تبدي المساويا
تزخرفت الشَّهَوَات لأعين الطباع فغض عَنْهَا الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ وَوَقع تابعوها فِي بيداء الحسرات واولئك عَلَى هُدىً مِنْ رَبهم واولئك هم المفلحون وَهَؤُلَاء يُقَال لَهُم {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مجرمون}
لما عرف الموفقون قدر الْحَيَاة الدُّنْيَا وَقلة الْمقَام فِيهَا أماتوا فيها الْهوى طلبا لحياة الْأَبَد لما استيقظوا من نوم الْغَفْلَة استرجعوا بالجد مَا نهبه الْعَدو مِنْهُم فِي زمن البطالة فَلَمَّا طَالَتْ عَلَيْهِم الطَّرِيق تلمحوا الْمَقْصد فَقرب عَلَيْهِم الْبعيد وَكلما أمرت لَهُم الْحَيَاة حلى لَهُم تذكر {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُم توعدون}
وَركب سروا اللَّيْل ملق رواقه ... على كل مغْبرّ الْمطَالع قَائِم
حدوا عَزمَات ضَاعَت الأَرْض بَينهَا ... فَصَارَ سراهم فِي طُلُوع العزائم



الفوائد لابن القيم