المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هم المغتالون لرمضان ؟


فارس
06-13-2017, 01:03 AM
نفرَح برمضان كما يَفرَح الناس به، ونَستبشر به كمسلمين، فاتَّحدنا في الفرح، واختلفنا في الهدف والمقصد؛ فمنَّا مَن يفرَح برمضان؛ لأنه شهر القرآن والطاعة، ولِما ورَدت فيه من الفضائل والمزايا العظيمة، وهذا هو فرح المؤمنين الذين بشَّرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه، قائلًا: ((أتاكم شهر رمضان ،شهر مبارك )).


فالنفوس إليه مشتاقة، والقلوب إليه مُتلهفة، والعيون فيه باكية، والأنفس خاشعة، يزداد فيه المؤمن من طاعة ربِّه، ويُسابق ليحوز الجنان، ويَحظى بالنظر إلى الرحيم الرحمن.

كيف وقد كان بعضهم يُغلق تجارته في رمضان؛ ليتفرَّغ للصلاة والصيام والقيام تفرغًا تامًّا؟!

لكنَّ فريقًا منا يَفرَح برمضان فرحًا دنيويًّا؛ لِما فيه من زيادة المطعومات، وأنواع المشروبات، وكثرة النوم، والإقبال على المسلسلات وغيرها من الغَفلات!

وهؤلاء هم المغتالون لرمضان، الطاعنون له في خاصرته، وهم الذين يدخل عليهم رمضانُ ويَخرُج وهم كما هم؛ لا يُغيِّرون أخطاءَهم، ولا يُبدلون سيئاتهم، بل ربما فقَدوا بعضًا من حسناتهم، وضاعَفوا آثامَهم!

رمضان يشكو هؤلاء الذين اتخذوه مَطيَّة لشهواتهم، ومنفذًا للذَّاتهم، يَمرَحون في لَعبهم، ويَسرَحون في لَهوهم.

نهارهم نائمون، وليلهم صاخبون على أنواع الألعاب والأعطاب؛ من مسلسلات، وأضاحيك، وغيرها من أحابيل الشيطان!

إن القنوات الفضائية شغَلت الناس عن رمضانهم، فجعلوا من رمضان ميدانًا للسباق، ولكنَّه سباق دنيويٌّ، وجعلوا منه مَرتعًا للسهرات، ولكنَّها سهرات بعيدة عن القرآن وطاعة الرحمن!

ترى القنوات الإنشادية والغنائية والشعرية وغيرها - تبذُل كلَّ جهودها لتتم عملياتها المشبوهة في شهر رمضان، شهر العبادة والغفران؛ ï´؟ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [فاطر: 88]، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

حتى إن بعض القنوات الإسلامية لم تَسلَم من هذا الدَّخَن والدَّغَل والدَّخَل!

يا هؤلاءِ، ارجعوا إلى باريكم، وعُودوا إلى خالقكم؛ فهو يناديكم باسم الإيمان، ويُبين لكم ثمرة الصيام، قائلًا: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ï´¾ [البقرة: 1833]، اقْرأها مرات ومرات، وأمْعِن النظر فيها: ï´؟ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ï´¾، باللهِ عليكم، أي تَقوى تَكسِبونها من هاتِه الغَفلات الليلية، والنومات النهارية؟!

أين فائدة الصوم التي أثَّرت في أرواحكم؟!

أين ثمرة القيام المؤثرة في نفوسكم؟!

أين؟! أين؟!

اقرؤوا سيرة سلفِكم الصالحِ، كيف كانوا يفرحون برمضان، ويُكرمونه الإكرام اللائق به؛ نهارهم صائمون لا نائمون، وليلهم قائمون لا لاعِبون!

اقرؤوا سِيَرهم، وانظروا حالهم مع القرآن الذي أُنزل في رمضان!

كم ختمة ختَموها في رمضان بتدبُّر وخشوع، وبكاء وخضوعٍ!

أجسامهم كأجسامكم، ولكنهم تفوَّقوا علينا بالجِد والاجتهاد، والانتصاب بين يدي رب العباد، فطهَّروا قلوبهم ونحن غشَشناها، وزكوا نفوسَهم ونحن دسَسناها!

نسأل الله تزكيةَ نفوسنا، والنأيَ بها عما يَشغَلُها عن باريها، وأن يُهيئ لنا من أمرنا رشدًا.

والله الموفق.