منتديات كيو للشركات العربية

منتديات كيو للشركات العربية (https://www.qtrpages.com/vb/index.php)
-   المنتدى الاسلامي والسيرة النبوية (https://www.qtrpages.com/vb/forumdisplay.php?f=39)
-   -   الجمع بين الأحاديث التي اختلف ظاهرها في بيان أفضل الأعمال . (https://www.qtrpages.com/vb/showthread.php?t=18338)

اميرة عبد الدايم 09-25-2015 12:10 AM

الجمع بين الأحاديث التي اختلف ظاهرها في بيان أفضل الأعمال .
 
الجمع بين الأحاديث التي اختلف ظاهرها في بيان أفضل الأعمال .

السؤال
جزاكم الله خيرا, كيف الجمع بين الحديثين, هل الجهاد أو الصوم الذي لا يعدله شيء, مع الاتفاق على فضلهما جميعا. فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ، قَالَ: ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا عَدْلَ لَهُ )، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ، قَالَ: ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ ) " . رواه أحمد (22149) ، والنسائي (4/165) وغيرهما ، وصححه الألباني . أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ . قَالَ « لاَ أَجِدُهُ - قَالَ - هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ » . قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ...رواه البخاري
الجواب :
الحمد لله
جاءت أحاديث متنوعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تذكر أفضل الأعمال وأحبها إلى الله ، فمن ذلك : ما رواه البخاري (527) ومسلم (85) عن ابن مسعود قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا) ، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ) قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) .
وروى النسائي (2222) - واللفظ له - وأحمد (22149) وابن خزيمة (1893) وابن حبان (3425) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ)
وورى أحمد (17027) عن عمرو بن عبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : (عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ ) وصححه محققو المسند .
وروى البخاري (11) ومسلم (42) عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ)
وروى البخاري (2785) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: (لاَ أَجِدُهُ) قَالَ: (هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ؟) ، قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟
وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث وغيرها ، التي اختلفت فيها أجوبة النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال : بأن ذلك يختلف باختلاف الأحوال أو باختلاف الأشخاص ، فمن الأشخاص من يكون الصيام أفضل له ، ومنهم من يكون الجهاد أفضل له ، وذلك يكو بحسب الحال ، وبحسب استعداد الشخص المعين ، وقدرته .. إلخ .
وقد يكون الجهاد في وقت أفضل الأعمال ، وقد يكون في وقت آخر غيره أفضل منه ... وهكذا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عند شرحه لحديث ابن مسعود المتقدم :
" مُحَصِّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْأَجْوِبَةُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ:
أَنَّ الْجَوَابَ اخْتَلَفَ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ السَّائِلِينَ، بِأَنْ أَعْلَمَ كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، أَوْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ رَغْبَةٌ، أَوْ بِمَا هُوَ لَائِقٌ بِهِمْ .
أَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، فَقَدْ كَانَ الْجِهَادُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، لِأَنَّهُ الْوَسِيلَةُ إِلَى الْقِيَامِ بِهَا وَالتَّمَكُّنِ من أَدَائِهَا، وَقَدْ تَضَافَرَتِ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي وَقْتِ مُوَاسَاةِ الْمُضْطَرِّ تَكُونُ الصَّدَقَةُ أَفْضَلَ .
أَوْ أَنَّ أَفْضَلَ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا، بَلِ الْمُرَادُ بِهَا الْفَضْلُ الْمُطْلَقُ، أَوِ الْمُرَادُ: مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، فحذفت "من" وَهِي مُرَادة " انتهى . "فتح الباري" (2/ 9).
وقال ابن القيم رحمه الله :
" قد يكون العمل المعين أفضل منه في حق غيره :
فالغني الذى له مال كثير ، ونفسه لا تسمح ببذل شيء منه : فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة .
والشجاع الشديد الذى يهاب العدوُ سطوتَه : وقوفُه في الصف ساعة ، وجهادُه أعداءَ الله : أفضل من الحج والصوم والصدقة والتطوع .
والعالِمُ الذى قد عرف السنة ، والحلال والحرام ، وطرق الخير والشر : مخالطتُه للناس وتعليمُهم ونصحُهم في دينهم: أفضل من اعتزاله وتفريغ وقته للصلاة وقراءة القرآن والتسبيح.
وولىُّ الأمر الذى قد نصبه الله للحكم بين عباده : جلوسُه ساعةً للنظر في المظالم ، وإنصاف المظلوم من الظالم ، وإقامة الحدود ، ونصر المحق ، وقمع المبطل : أفضل من عبادة سنين من غيره.
ومن غلبت عليه شهوة النساء : فصومُه ـ له ـ أنفع وأفضل من ذكر غيره وصدقته .
وتأمل تولية النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهما من أمرائه وعماله، وترك تولية أبى ذر، بل قال له: (إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تَأَمَّرن على اثنين، ولا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم) .
وأمر غيره بالصيام وقال: (عليك بالصوم فإنه لا عِدل له) ، وأمر آخر بأن لا يغضب، وأمر ثالثا بأن لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله .
ومتى أراد الله بالعبد كمالا ، وفقه لاستفراغ وسعه فيما هو مستعد له، قابل له، قد هُيئ له، فاذا استفرغ وسعه ، علا غيره وفاق الناس فيه .
وهذا كالمريض الذى يشكو وجع البطن مثلا، إذا استعمل دواء ذلك الداء : انتفع به، واذا استعمل دواء وجع الرأس : لم يصادف داءه .
فالشح المطاع ـ مثلا ـ من المهلكات ، ولا يزيله صيام مائة عام، ولا قيام ليلها !!
وكذلك داء اتباع الهوى ، والإعجاب بالنفس : لا يلائمه كثرة قراءة القرآن ، واستفراغ الوسع في العلم والذكر والزهد، وإنما يزيله إخراجه من القلب بضده .
ولو قيل: أيما أفضل: الخبز أو الماء؟
لكان الجواب: أن هذا في موضعه أفضل، وهذا في موضعه أفضل " انتهى من "عدة الصابرين" (ص 114-115)
والله أعلم .


الساعة الآن 06:39 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.12
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans