عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-19-2015, 07:22 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي

وضعت في يديه الاصفاد وكبلته في الحبال ووضعته في صندوق السيارة وانتقلت به إلى مكتبـي في سرايا طرابلس أوقفت عناصر أمنية على الباب لعدم دخول أي كان. لم تستغرق عملية القبض على الألماني المخطوف سوى 11 ساعة فقط.
اتصلت بفخامة رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الذي هنأني على نجاح العملية وطلب مني إفادته بالمعلومات أولاً بأول.
شرعت في التحقيق معه رفض الكلام من خلال نظرتي إليه وتأملي الكثير به تبين لي انه لا يريد الكلام. طلبت له مترجمين باللغتين الالمانية والانكليزية فرفض الكلام وظل على هذه الحال ثلاثة أيام متتالية.
عدت إلى استجواب جميلة معتوق التي أقرت بمعرفتها بعملية خطف خطيبها وان لوسبرخ أعطاها رسالة باللغتين الألمانية والانكليزية وطلب منها حملها في اليوم الثالث لخطفه إلى أحد المسؤولين في السفارة الألمانية في بيروت. وافادت جميلة ان مضمون الرسالة يفيد ان منظمة فدائية فلسطينية خطفت لوسبرخ وهو في حالة جيدة وان المنظمة تطلب من الحكومة الألمانية فدية قدرها 15 مليون ليرة لإطلاقه وفي حال الرفض ستعمد المنظمة إلى قتله. وقد أتلفت جميلة الرسالة بعد خطف لوسبرخ.
وفي اليوم الثالث كنت أحاول أن أدفع لوسبرخ للكلام لكنه كان يرفض، فجأة دخل علينا مدعي عام الشمال القاضي هاني المولى وبرفقته العقيد جورج أسمر قائد سرية الشمال وكان الأخير منفعلاً ومستغرباً عدم توصلنا معه للكلام، كان الألماني يجلس على الكرسي ومكبلاً بالأصفاد، أمسكه أسمر برأسه وقال له بلغة انكليزية ركيكة: أنا ضابط وأنت ضابط ان لم تعترف الآن سوف أحطم رأسك.
في نهاية اليوم الثالث بدأت استعمل معه بعض الأساليب، وقد روضته ودفعته إلى الكلام. بدأ يتكلم اللغة العربية بعدما رفض الكلام مع المترجمين في السابق.
تبين لي انه يتمتع بذكاء حاد، شخصيته فذة، صلب المراس، قوي البنية، ثاقب النظرات.
بدأت التحقيق معه بسؤاله عن هويته، تقاطعت اعترافاته مع المعلومات التي تحريتها عنه حول مجيئه إلى لبنان تحت ستار التدريب على الكاراتيه. فمرة ادعى انه طبيب نفساني ومرة أخرى عرف عن نفسه انه أمير بلغاري. وانه ((ملك الدم)).
أصر على إنكار كل شيء ونفي معرفته الاشخاص الذين ((خطفوه)) وأفاد انه جاء إلى لبنان في منتصف شباط/فبراير من عام 1973 على متن الباخرة اوزونيا آتياً من ايطاليا برفقة رجل ألماني يدعى جو متزيغ وان الأخير يحمل جوازي سفر احدهما ألماني والآخر بولوني. وأكد انه استأجر المنـزل في حقل العزيمة للراحة ونفى أن يكون أحد قد خطفه.
خلال التحقيق قال لي ان كنت تريد ان تعرف من أنا ما عليك الا حرق الحقيبة التي أحملها وان اسمه وعمله وشخصيته مدونة داخل حقيبة اليد التي كان يحملها. والتي اكتشفتها عندما قبضت عليه. وبالفعل قمت بحرق الحقيبة لتخرج من بينها بطاقة حديدية تفيد انه يعمل لصالح وزارة الصناعة الالمانية وهو جاسوس صناعي.
وتناول التحقيق معه قضية منظمة (ميونيخ 72) الفدائية التي بادر الى تأسيسها وتبين لي انه تواصل مع بعض العناصر الفدائية في الشمال وانه زودهم ببيانات وبرنامج سياسي توجيهي كان أورلخ قد أعطاه لأحد عناصر رصد الفدائيين لتعميمه على رفاقه وفيه دعوة للقضاء على القيادات الفدائية الناشطة وخاصة من تتبنى عمليات كـ ميونيخ داعياً الى تنقية العمل الفدائي من كل شائبة مدعياً انه مناصر للقضية الفلسطينية.
وبدأت حلقة المعلومات تتسع حوله شيئاً فشيئاً وقد تمكن من الدخول الى مخيم البداوي وعرض تدريب العناصر الفدائية في لعبة الكاراتيه وقد انتقى بعض العناصر لتدريبهم على بعض الاعمال العسكرية كالتفجير والخطف والقنص الخ. بعد إلقاء القبض عليه، جاءني ضابط في الكفاح المسلح اسمه ابراهيم البطراوي طالباً الافراج عنه مدعياً ان لوسبرخ كان يدرب الفدائيين مجاناً، ومن دون مقابل.
وقد حاول اورلخ الاتصال بالسياسيين الذين لهم علاقة بالفدائيين. وقد اعترف امامي ان مهمته هي التجسس على الفدائيين الفلسطينيين، وافتعال الحوادث والاضطرابات بينهم وبين السلطة اللبنانية، وان عملية الخطف من مقهى ((التوب)) ليست سوى حلقة من حلقات الخطة التي كان سينفذها. وقد أدلى بمعلومات واضحة وشرح كيفية قيامه بعمليات ارهابية وحدد الاماكن التي كان ينوي تفجيرها دون ان يعرف مكانها او الشارع الذي تقع فيه. وقد اعترف انه كان يسكن من شباط/ فبراير تاريخ دخوله الاراضي اللبنانية وحتى اواخر آذار/ مارس في شارع فردان.
وعندما سألته ما كنت تفعل انت وخطيبتك في شارع فردان في بيروت في الحادي عشر من نيسان/ ابريل 1973، انتفض وقال لي: لا اسمح لك بتوجيه هذا السؤال لي.
ولاذ بالصمت ورفض الاجابة على الاسئلة حول دوره في عملية فردان وطلب الكلام في حضور السفير الالماني.
فيما بعد اعترف انه كان ضمن المجموعة التي نفذت اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة بتاريخ 10 نيسان/ ابريل 1973 في شارع فردان. وقد أجريت مقابلة بينه وبين خطيبته جميلة جورج معتوق المعروفة بـ جيجي لجهة مواجهة الاخيرة بأقوال لوسبرخ، لأنه كان يطلعها على كافة تحركاته ومنها مراقبة بعض قادة المقاومة الفلسطينية الذين يقيمون امام منـزل ذويها في طرابلس وتحديداً سعيد السبع والذي كان له دور مباشر هو وابن خاله ابو علي اياد بعملية خطف اول جندي اسرائيلي في اواخر عام 1969 وهو صموئيل روزن فايز.
وأفادت جميلة انها كانت بمعيته في بيروت يوم 11 نيسان/ ابريل 1973 اي اليوم التالي للإعتداء وانهما مرا في الشارع وشاهدا الابنية التي قتل فيها قادة المقاومة. كما انها كانت برفقته عندما زار مخيمي نهر البارد والبداوي بعد عملية نفذها الجيش الاسرائيلي 21/2/1973 والتي استهدفت ضرب مواقع لحركة فتح ذهب ضحيتها عدد من الاتراك التابعين لجماعة عبدالله اوج آلان، بالاضافة الى عدد من الفلسطينيين وموقع تدريب للجبهة الشعبية في مخيم نهر البارد كان عضو الجيش الاحمر الياباني كوزو اوكومتو قد تدرب فيه قبل تنفيذ عملته في مطار اللد.
بعد الانتهاء من استجوابه تمت احالته على المحقق العسكري الياس عساف الذي باشر التحقيق معه بعدما زودناه بكل الاعترافات التي أدلى بها امامنا، وقد اكد اعترافاته وتكلم باللغة العربية التي رفض ان يتكلم بأي لغة قبل ذلك.
وتبين لي انه كان يملك مبلغاً كبيراً من المال مودعاً في بعض المصارف وكشفت التحقيقات معه عن تحويلات بعشرات الالوف من الدولارات جرت من المانيا الغربية لحساب لوسبرخ الذي ادخر في احد المصارف 130 الف ليرة لبنانية الى جانب تلقيه أموالاً من مصادر فلسطينية.
وذكر قاضي التحقيق ان الالماني لوسبرخ ((ليس اسمه الحقيقي)) يحمل جواز سفر ألمانياً مزوراً عليه سبعة أختام دخول الى لبنان والمانيا وهو من مواليد 1948 من مدينة دوسلدورف الالمانية وهو ضابط استخبارات اسرائيلي.
شاع خبر توقيف الجاسوس الاسرائيلي وما أدلى به من اعترافات. وبدأت السفارتان الالمانية والاميركية في بيروت ومعها مدير الشعبة الثانية جول بستاني بممارسة الضغوط للإفراج عن الالماني تحت ذريعة انه جاسوس صناعي، كما طلبت القيادات الفلسطينية ان نسلمها الجاسوس المذكور وقد رفضنا ذلك قطعاً.
بالطبع لم يعمل لوسبرخ لوحده في الشمال، اذ تكشفت الخيوط مع مرور الايام ان شبكة اسرائيلية كانت وصلت الى طرابلس بعد عملية فردان والتي راح ضحيتها ثلاثة من قادة المقاومة الفلسطينية (ابو يوسف النجار، كمال عدوان وكمال ناصر) مباشرة لاستكمال استهداف قادة الفدائيين في الشمال. وقد أقامت الشبكة في شارع الثقافة وتحديداً حول منـزل سعيد السبع ابو باسل. كان على رأس الفرقة تسيفي زامير مدير جهاز الموساد، اضافة الى مايك هراري رئيس وحدة كيدون الاسرائيلية، منتحلاً صفة القس روبرت مالاوي، والذين تبين انه مطرود من السودان لأسباب سياسية.
لكن اكثر ما أثار الريبة كانت تحركات لوسبرخ والذي سكن في شقة خطيبته اللبنانية جميلة معتوق المواجهة لشقة ابو باسل. وقد استطعنا مؤخراً اكتشاف هوية لوسبرخ الحقيقية والتي تبينت انه حجاي هداس، نائب رئيس جهاز الموساد لغاية 2010. فبعد مرور 42 عاماً وخلال بحثي العميق بهذا الملف لخطورته ومقارنتي لأرشيف صور لوسبرخ بصور ضباط اسرائيليين تبين لي ان الاخير هو حجاي هداس والذي كان وراء عدد من عمليات اغتيال لعدد من قادة المقاومة الفلسطينية من ضمنهم فتحي الشقاقي في مالطا ومحاولة الاغتيال الفاشلة لخالد مشعل في عمان.
في العودة الى الشكوك التي دارت حول لوسبرخ فبعد سكن الاخير في منـزل خطيبته المواجهة لشقة ابو باسل لاحظ انه كثيراً ما يسهر على شرفة منـزلها محاولاً التقاط الصور، عندها كلف ابو باسل عدداً من الفدائيين بمراقبته. فتبين انه يتردد على محل رينوار للتصوير في شارع عزمي ولدى مراجعة صاحب المحل تبين انه يملك مغلف صور يحتوي على كل اقسام منـزل سعيد السبع. وقد ذكر ابو باسل هذه التفاصيل في مقابلة اجرتها معه مجلة ((الحوادث)) في 20/7/1973. وعند الاستفسار من صاحب محل التصوير تبين ان ملكية الصور تعود للسائح الاسكوتلندي جيمس بول يعتقد انه تسيفي زامير، مدير الموساد لغاية عام 1974، والذي كان معروفاً عنه مشاركته شخصياً في العمليات الخارجية التي ينفذها الموساد، مثل عملية اغتيال النادل المغربـي احمد بوشيكي في النرويج. ادى هذا الكشف الى وضع جيمس بول وأورلخ لوسبرخ تحت المراقبة فتبين انهم يلتقون باستمرار في اماكن مختلفة خارج مكان سكنهم بينما كانوا لا يتحدثون مطلقاً مع بعض عند لقائهم في شارع الثقافة، حيث سكنهم. ادت هذه المعطيات مجتمعة الى إفشال عملية اغتيال سعيد السبع ابو باسل وهروب المجموعة الاخرى التي كانت تسكن فوق منـزله المكونة من ثلاثة بريطانيين رجلين وامرأة يعتقد انها سلفيا روفئيلي، التي اعتقلت ايضاً في النرويج على خلفية اغتيال بوشيكي، اضافة الى القس الاميركي روبرت مالوي (مايك هراري) والذي كان يسكن فوق الشقة التي يقيم فيها اورلخ لوسبرخ المواجهة لشقة السبع والمهندس الاسكوتلندي جيمس بول (تسيفي زامير) الذي تبعد شقته خمسين متراً عن شقة اورلخ لوسبرخ والتي أخذت أغلب الصور منها. بعد هذا الاخفاق غادر فريق الاغتيالات لبنان الى اسرائيل ومنها الى النرويج ليتم تصفية احمد البوشيكي بتاريخ 21/7/1973 النادل المغربـي بعد الاشتباه به انه ابو حسن سلامة.
كان لهذه العملية وقع حسن حيث لا حديث في طرابلس والشمال الا عن الجاسوس الالماني وعملية توقيفه كما تم تناولها في الصحف ووسائل الاعلام وتلقيت تهاني كثيرة حول نجاحها من القيادات السياسية والوطنية.
بقي اورلخ لوسبرخ في المعتقل اللبناني لمدة شهر وتم تحويل ملفه مع عشرين شخصاً من معارفه الى المحكمة العسكرية التي كانت برئاسة القاضي اسعد جرمانوس الى ان تم ترحيله من لبنان وتسكير ملفه بظروف غامضة.
هناك عدد من الاسئلة ما زالت تراودني بعد مرور 42 سنة على هذه الحادثة.
اين اصبح ملف اورلخ لوسبرخ في المحكمة العسكرية؟
ما دور هذه الشبكة الاسرائيلية في الحرب الاهلية التي عصفت بلبنان؟
ما علاقة حركة احمد القدور الذي أسس بعد عام من حادثة اورلخ (المقاومة الشعبية في طرابلس) بهذه الشبكة الاسرائيلية علماً بأن الاذاعة الاسرائيلية كانت تبث عدداً من الرسائل لجماعة القدور للتجمع في منطقة نهر ابو علي اضافة الى محاولة القدور نفسه اغتيال احمد رسلاني والذي كان له الفضل في القبض على الغزاوي؟
ما سر حادث السير الذي تعرض له علي ديب على طريق طرابلس – بيروت وأدى الى وفاته بظروف غامضة؟
ما علاقة اغتيال محافظ الشمال الصديق الشهيد فايز العماد في بداية الحرب الاهلية عام 1975 علماً بأنه كان على علاقة قوية بسعيد السبع؟
ما هو الرابط بين هذه الشبكة الاسرائيلية وعملية اغتيال الشهيد طوني فرنجية والشهيد كمال جنبلاط؟
ما هو الرابط بين هذه الشبكة الاسرائيلية وتنظيم فلسطيني تشكل في اواخر آذار/ مارس من عام 1973 في مدينة طرابلس يحمل اسم الالوية الثورية العربية على يد احمد عبدالغفور ومصطفى عبدالقادر (ابو مصطفى قدورة) والذي نفذ عملية في مطار (فيومشينو) الايطالي في روما (مطار ليوناردو دافنشي) الامر الذي أدى الى مقتل 30 شخصاً من جنسيات مختلفة منهم اربعة وزراء مغاربة ولم يقتل اسرائيلي واحد في هذه العملية فيما بعد التحق افراد المجموعة المنفذة بتنظيم صبري البنا ابو نضال.
من هي الاطراف الفلسطينية التي كانت تمول اورلخ لوسبرخ ومن هو ابو هيثم وابو ضرغام من مخيمات الشمال والذين ذكرهم الجاسوس الاسرائيلي في المحكمة العسكرية وانه كان على تواصل معهم؟ حسبما ذكرت صحيفة ((الاوريون لو جور)) تاريخ 14/7/1973.
ما هو الرابط بين افراد المجموعة المنفذة لعملية روما ووليد قدوره القيادي في الجبهة الشعبية والذي تبين فيما بعد انه جند من قبل اتيان صقر (ابو ارز) عندما كان الاخير ضابطاً في الامن العام ليجند فيما بعد من قبل الاسرائيليين وليؤدي دوراً تحريضياً مع مجموعة داخل الجبهة الشعبية على وديع حداد ادى لطرده من الجبهة الشعبية وتبين ان له دوراً في ابلاغ الموساد عن نية جورج حبش السفر الى العراق بعد ان تلقى دعوة من الرئيس صدام حسين فقام الاسرائيليون في 10/8/1973 بخطف طائرة الـ((ميدل ايست)) كما روت السيدة هيلدا حبش زوج جورج حبش.
اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابات وإلى اعادة دراسة هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من تاريخ لبنان مع العلم ان عملية اغتيال القادة الثلاثة في فردان كان اول خطوة باتجاه الحرب الاهلية اللبنانية وأدت في وقتها الى استقالة صائب سلام وأحداث ايار/ مايو وهو اول صدام لبناني – فلسطيني.
وخلال رئاستي قيادة منطقة طرابلس تم إبعادي عن الملف من خلال ترشيحي لدورة في الولايات المتحدة الاميركية استمرت اربعة اشهر
مايك هراري مع بيريز - كان فى طرابلس تحت اسم القس روبرت مالوي
سعيد السبع
عميلة الموساد سلفيا رؤفئيل كانت تسكن فوق منزل سعيد السبع فى طرابلس - لبنان
اورلخ لوسبرخ اسمه الحقيقي (حجاي هداس )معتقل فى مدينة طرابلس لبنان و يبدو بجانبه النقيب عصام ابو زكي قائد شرطة مدينة طرابلس
رد مع اقتباس