أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .

 

 



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #121  
قديم 10-18-2015, 12:30 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة الثالثة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن البدوي لما أعطى نزهة الزمان القرص الشعير ووعدها أن يبيعها لرجل يجيد مثله قالت له: نعم ما تفعل، فلما انتصف الليل وأحرقها الجوع أكلت من القرص الشعير شيئاً يسيراً. ثم إن البدوي العجوز وضع نزهة الزمان خلفه وساروا وما زالوا سائرين مدة ثلاثة أيام ثم دخلوا مدينة دمشق ونزلوا في خان السلطان بجانب باب الملك وقد تغير لون نزهة الزمان من الحزن وتعب السفر فصارت تبكي من أجل ذلك فأقبل عليها البدوي وقال لها: يا حضرية وحق طرطوري إن لم تتركي هذا البكاء لا أبيعك إلا ليهودي ثم إنه قام وأخذ بيدها وأدخلها في مكان وتمشى إلى السوق ومر على التجار الذين يتجرون في الجواري وصار يكلمهم ثم قال لهم: عندي جارية أتيت بها معي وأخوها ضعيف فأرسلته إلى أهلي في مدينة القدس لأجل أن يداووه حتى يبرأ وقصدي أن أبيعها ومن يوم ضعف أخوها وهي تبكي وصعب عليها فراقه وأريد أن الذي يشتريها مني يلين لها الكلام ويقول لها: إن أخاك عندي في القدس ضعيف وأنا أرخص له ثمنها فنهض رجل من التجار وقال له: كما عمرها؟ فقال: هي بكر بالغة ذات عقل وأدب وفطنة وحسن وجمال، ومن حين أرسلت أخاها إلى القدس اشتغل قلبها وتغيرت محاسنها وانهزل سمنها. فلما سمع التاجر ذلك تمشى مع البدوي وقال له: اعلم يا شيخ العرب أني أروح معك وأشتري منك الجارية التي تمدحها وتشكر عقلها وأدبها وحسنها وجمالها وأعطيك ثمنها وأشترط عليك شروطاً أن قبلها نقدت لها ثمناً وإن لم تقبلها رددتها عليك، فقال له البدوي: إن شئت فاطلع بها إلى السلطان واشترط علي ما شئت من الشروط فإنك إذا أوصلتها إلى الملك شركان ابن الملك عمر النعمان صاحب بغداد وخراسان ربما تليق بعقله فيعطيك ثمنها ويكثر لك الربح فيها. فقال له البدوي: قبلت منك هذا الشرط، ثم مشى الاثنان إلى أن اقبلا على المكان الذي فيه نزهة الزمان ووقف البدوي على باب الحجرة وناداها: يا ناحبة، وكان قد سماها بهذا الاسم فلما سمعته بكت ولم تجبه فالتفت البدوي إلى التاجر وقال له: ها هي قاعدة دونك فأقبل عليها وانظرها ولاطفها مثل ما أوصيتك، فتقدم التاجر إليها فرآها بديعة الحسن والجمال لاسيما وكانت تعرف بلسان العرب. فقال التاجر: إن كانت كما وصفت لي فإني أبلغ بها عند السلطان ما أريد ثم أن التاجر قال لها: السلام عليك يا بنية كيف حالك؟ فالتفتت إليه وقالت: كان ذلك في الكتاب مسطورا، ونظرت إليه فإذا هو رجل ذو وقار ووجه حسن فقالت في نفسها: أظن أن هذا جاء ليشتريني ثم قالت: إن امتنعت عنه صرت عند هذا الظالم فيهلكني من الضرب فعلى كل حال هذا رجل وجهه حسن وهو أرجى للخير من هذا البدوي الجلف، ولعله ما جاء إلا ليسمع منطقي فأنا أجاوبه جواباً حسناً كل ذلك وعينها على الأرض ثم رفعت بصرها إليه وقالت بكلام عذب: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا سيدي بهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما سؤالك عن حالي فإن شئت أن تعرفه فلا تتمنه إلا لأعدائك ثم سكتت فلما سمع التاجر كلامها طار عقله فرحاً بها والتفت إلى البدوي وقال له: كم ثمنها فإنها جليلة فاغتاظ البدوي وقال له: أفسدت علي الجارية بهذا الكلام لأي شيء تقول إنها جليلة مع أنها من رعاع الناس فأنا لا أبيعها لك.
فلما سمع التاجر كلامه عرف أنه قليل العقل فقال له: طب نفساً وقر عيناً فأنا أشتريها على هذا العيب الذي ذكرتها فقال له البدوي: وكم تدفع لي فيه؟ فقال له التاجر: ما يسمي الولد إلا أبوه فاطلب فيها مقصودك فقال له البدوي ما يتكلم إلا أنت فقال التاجر في نفسه: إن هذا البدوي جلف يابس الرأس وأنا لا أعرف لها قيمة إلا أنها ملكت قلبي بفصاحتها وحسن منظرها وإن كانت تكتب وتقرأ فهذا من تمام النعمة عليها وعلى من يشتريها. لكن هذا البدوي لا يعرف لها قيمة. ثم التفت إلى البدوي وقال له: يا شيخ العرب أدفع لك فيها مائتي دينار سالمة ليدك غير الضمان وقانون السلطان. فلما سمع البدوي اغتاظ غيظاً شديداً وصرخ في ذلك التاجر وقال له: قم إلى حال سبيلك لو أعطيتني مائة دينار في هذه القطعة العباءة التي علها ما بعتها لك فأنا لا أبيعها بل أخليها عندي ترعى الجمال وتطحن الطحين ثم صاح عليها وقال: تعالي يا منتنة أنا لا أبيعك ثم التفت إلى التاجر وقال له: كنت أحسبك أهل معرفة. وحق طرطوري إن لم تذهب عني لأسمعتك ما لا يرضيك. فقال التاجر في نفسه: إن هذا البدوي مجنون ولا يعرف قيمتها ولا أقول له شيئاً في ثمنها في هذا الوقت فإنه لو كان صاحب عقل ما قال وحق طرطوري والله إنها تساوي خزنة من الجواهر وأنا معي ثمنها ولكن إن طلب مني ما يريد أعطيته إياه ولو أخذ جميع مالي ثم التفت إلى البدوي وقال له: يا شيخ العرب طول بالك وقل لي ما لها من القماش عندك؟ فقال البدوي: وما تعمل قطاعة الجواري هذه القماش الله إن هذه العباءة التي هي ملفوفة فيها كثيرة عليها فقال له التاجر: عن إذنك أكشف عن وجهها وأقلبها كما يقلب الناس الجواري لأجل الاشتراء، فقال له البدوي: دونك ما تريد الله يحفظ شبابك فقلبها ظاهراً وباطناً فإن شئت فعرها من الثياب ثم انظرها وهي عريانة، فقال التاجر: معاذ الله أنا ما أنظر إلا وجهها ثم إن التاجر تقدم إليها وهو خجلان من حسنها وجمالها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة والسبعين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر تقدم إلى نزهة الزمان وهو خجلان من حسنها وجلس إلى جانبها وقال لها: يا سيدتي ما اسمك؟ فقالت له: تسألني عن اسمي في هذا الزمان أو عن اسمي القديم؟ فقال لها: هل لك اسم جديد واسم قديم؟ قالت: نعم اسمي القديم نزهة الزمان واسمي الجديد غصة الزمان، فلما سمع التاجر منها هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وقال لها: هل لك أخ ضعيف؟ فقالت له: إي والله يا سيدي ولكن فرق الزمان بيني وبينه وهو مريض في بيت المقدس، فتحير عقل التاجر من عذوبة منطقها وقال في نفسه: لقد صدق البدوي في مقالته، ثم إن نزهة الزمان تذكرت أخاها ومرضه وغربته وفراقها عنه وهو ضعيف ولا تعلم ما وقع له وتذكرت ما جرى لها من هذا الأمر مع البدوي ومن بعدها عن أمها وأبيها ومملكتها فجرت دموعها على خدها وأرسلت العبرات وأنشدت هذه الأبيات:
حينـمـا قـد وقـاك إلـهـي أيها الراحل المقيم بـقـلـبـي ولك الله حيث أمـسـيت جـار حافظ من صروف دهر وخطب غبت فاستوحشت لقربك عينـي واستهلت مدامعي أي سـكـب ليت شعري بـأي ربـع وأرض أنت مستوطن بـدار وشـعـب إن يكن شـاربـاً لـمـاء حـياة حضر الورد فالمدامع شربـي أو شهدت الرقاد يوماً فجـمـر من سهاد بين الفراش وجنـبـي كل شيء إلا فـراقـك سـهـل عند قلبي وغيره غير صـعـب
فلما سمع التاجر ما قالته من الشعر بكى ومد يده ليمسح دموعها عن خدها فغطت وجهها وقالت له: حاشاك يا سيدي، ثم إن البدوي قعد ينظر إليها وهي تغطي وجهها من التاجر حيث أراد أن يمسح دمعها عن خدها فاعتقد أنها تمنعه من لتقليب فقام إليها يجري وكان معه مقود جمل فرفعه في يده وضربها به على أكتافها فجاءت الضربة قوية فانكبت بوجهها على الأرض فجاءت حصاة من الأرض في حاجبها فشقته فسال دمها على وجهها فصرخت صرخة عظيمة وغشي عليها وبكت وبكى التاجر معها فقال التاجر: لا بد أن أشتري هذه الجارية ولو بثقلها ذهباً وأريحها من هذا الظالم وصار التاجر يشتم البدوي وهي في غشيتها فلما أفاقت مسحت الدموع والدم عن وجهها وعصبت رأسها ورفعت طرفها إلى السماء وطلبت من مولاها بقلب حزين وأنشدت هذين البيتين: وارحـمة لـعــزيزة بالضيم قد صارت ذليلة تبكي بـدمـع هـاطـل وتقول ما في الوعد حيلة فلما فرغت من شعرها التفتت إلى التاجر وقالت له بصوت خفي: بالله لا تدعني عند هذا الظالم الذي لا يعرف الله تعالى، فإن بت هذه الليلة عنده قتلت نفسي بيدي فخلصني منه يخلصك الله مما تخاف في الدنيا والآخرة، فقام التاجر وقال للبدوي: يا شيخ العرب هذه ليست غرضك بعني إياها بما تريد. فقال البدوي: خذها وادفع ثمنها وإلا أروح بها إلى النجع وأتركها تلم وترعى الجمال. فقال التاجر: أعطيك خمسين ألف دينار، فقال البدوي: يفتح الله فقال التاجر: سبعين ألف دينار فقال البدوي: يفتح الله هذا ما هو رأس مالها لأنها أكلت عندي أقراص من الشعير بتسعين ألف دينار شعير ولكن أقول لك كلمة واحدة فإن لم ترض بها غمزت عليك والى دمشق فيأخذها منك قهراً فقال البدوي: تكلم فقال: بألف دينار فقال البدوي: بعتك إياها بهذا الثمن وأقدر أنني اشتريت بها ملحاً، فلما سمعه التاجر ضحك ومضى إلى منزله وأتى بالمال وقيضه إياه فأخذه البدوي وقال في نفسه: لا بد أن أذهب إلى القدس لعلي أجذ أخاها فأجيء به وأبيعه، ثم ركب وسافر إلى بيت المقدس فذهب إلى الخان وسأل عن أخيها فلم يجده. هذا ما كان من أمره، وأما ما كان من أمر التاجر ونزهة الزمان فإنه لما أخذها ألقى عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
رد مع اقتباس
  #122  
قديم 10-18-2015, 12:31 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي في الليلة الرابعة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر لما تسلم الجارية من البدوي وضع عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله وألبسها أفخر الملبوس، ثم أخذها ونزل بها إلى السوق وأخذ لها مصاغاً ووضعه في بقجة من الأطلس ووضعها بين يديها وقال لها: هذا كله من أجلك ولا أريد منك إلا إذا طلعت بك إلى السلطان والي دمشق أن تعلميه بالثمن الذي اشتريتك به وإن كان قليلاً في ظفرك وإذا اشتراك مني فاذكري له ما فعلت معك واطلبي لي منه مرقوماً سلطانياً بالوصية علي لأذهب به إلى والده صاحب بغداد الملك عمر النعمان لأجل أن يمنع من يأخذ مني مسكاً على القماش أو غيره من جميع ما أجر فيه. فلما سمعت كلامه بكت وانتحبت فقال لها التاجر: يا سيدتي إني أراك كلما ذكرت لك بغداد تدمع عيناك ألك فيها أحد تحبينه؟ فإن كان تاجراً أو غيره فأخبريني فإني أعرف جميع ما فيها من التجار وغيرهم وإن أردت رسالة أنا أوصلها إليه، فقالت: والله ما لي معرفة تاجر ولا غيره وإنما معرفة بالملك عمر النعمان صاحب بغداد. فلما سمع التاجر كلامها ضحك وفرح فرحاً شديداً وقال في نفسه: والله إني وصلت إلى ما أريد، ثم قال لها: أنت عرضت عليه سابقاً؟ فقالت: لا بل تربيت أنا وبنته فكنت عزيزة عنده، ولي عنده حرمة كبيرة، فإن كان غرضك أن الملك النعمان يبلغك ما تريد فأتني بدواة وقرطاس فإني أكتب لك كتاباً فإذا دخلت مدينة بغداد فسلم الكتاب من يدك إلى يد الملك عمر النعمان وقل له إن جاريتك نزهة الزمان قد طرقتها صروف الليالي والأيام حتى بيعت من مكان إلى مكان وهي تقرئك السلام،وإذا سألك عني فأخبره أني عند نائب دمشق.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.



رد مع اقتباس
  #123  
قديم 10-18-2015, 12:32 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي في الليلة الخامسة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر تعجب من فصاحتها وازدادت عنده محبتها قال: ما أظن إلا أن الرجال لعبوا بعقلك وباعوك بالمال فهل تحفظين القرآن؟ قالت: نعم وأعرف الحكمة والطب ومقدمة المعرفة وشرح فصول بقراط لجالينوس الحكيم وشرحه أيضاً وقرأت التذكرة، وشرحت البرهان وطالعت مفردات ابن البيطار وتكلمت على القانون لابن سينا وحللت الرموز ووضعت الأشكال وتحدثت في الهندسة وأتقنت حكمة الأبدان وقرأت كتب الشافعية وقرأت الحديث والنحو وناظرت العلماء وتكلمت في سائر العلوم وألفت في علم البيان والمنطق والحساب والجدل والعرف الروحاني والميقات وفهمت هذه العلوم كلها. ثم قالت: ائتني بدواة وقرطاس حتى أكتب كتاباً يسليك في الأسفار ويغنيك عن مجلدات الأسفار. فلم اسمع التاجر منها هذا الكلام صاح: بخ بخ فيا سعد من تكونين في قصره. ثم أتاها بدواة وقرطاس وقلم من نحاس، فلما أحضر التاجر ذلك بين يديها وقبل الأرض تعظيماً أخذت نزهة الزمان الدرج وتناولت القلم وكتبت في الدرج هذه الأبيات: ما بال نومي من عيني قد نـفـرا أأنت علمت طرفي بعدك السهر؟ وما لذكرك يذكي النار في كبـدي أهكذا كل صب للهـوى ذكـرا سقا الأيام مـا كـان أطـيبـهـا مضت ولم أقض من لذاتها وطرا أستعطف الريح إن الريح حامـلة إلى المتيم من أكتافكـم خـبـرا يشكو إليك محب قـل نـاصـره وللفراق خطوب تصدع الحجـرا ثم إنها لما فرغت من كتابة هذا الشعر كتبت بعده هذا الكلام وهي تقول: ممن استوى عليها الفكر وأنحلها السهر، فظلمتها لا تجد لها من أنوار ولا تعلم الليل من النهار وتتقلب على مراقد البيت وتكتحل بموارد الأرق، ولم تزل للنجوم رقيبة وللظلام نقيبة قد أذابها الفكر والنحول وشرح حالها يطول، لا مساعد لها غير العبرات وأنشدت هذه الأبيات: ما غردت سحراً ورقـاء فـتـن إلا تحرك عندي قاتل الشـجـن ولا تأثر مشـتـاق بـه طـرب إلى الأحبة إلا ازددت في حزني أشكو الغرام إلى من ليس يرحمني كم فرق الوجد بين الروح والبدن ثم أفاضت دموع العين وكتبت أيضاً هذين البيتين: أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني وفرق المجربين الجفن والوسن كفى بجسمي نحولاً أنني دنـف لولا مخاطبتي إياك لم ترنـي وبعد ذلك كتبت في أسفل الدرج هذا من عند البعيدة عن الأهل والأوطان حزينة القلب والجنان نزهة الزمان، ثم طوت الظرف وناولته للتاجر فأخذه وقبله وعرف ما فيه ففرح وقال: سبحان من صورك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


رد مع اقتباس
  #124  
قديم 10-18-2015, 12:33 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة السادسة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان كتبت الكتاب وناولته للتاجر أخذه وقرأه وعلم ما فيه فقال: سبحان من صورك وزاد في إكرامها وصار يلاطفها نهاره كله فلما أقبل الليل خرج إلى السوق وأتى بشيء فأطعمها إياه ثم أدخلها الحمام وأتى لها ببلانة وقال لها: إذا فرغت من غسل رأسها فألبسيها ثيابها ثم أرسلي أعلميني بذلك فقال: سمعاً وطاعة، ثم أحضر لها طعاماً وفاكهة وشمعاً وجعل ذلك على مصطبة الحمام فلما فرغت البلانة من تنظيفها ألبستها ثيابها، ولما خرجت من الحمام وجلست على مصطبة الحمام وجدت المائدة حاضرة فأكلت هي والبلانة من الطعام والفاكهة وتركت الباقي لحارسة الحمام ثم باتت إلى الصباح وبات التاجر منعزلاً عنها في مكان آخر.
فلما استيقظ من نومه أيقظ نزهة الزمان وأحضر لها قميصاً رفيعاً وكوفية بألف دينار وبدلة تركية مزركشة بالذهب، وخفاً مزركشاً بالذهب الأحمر مرصعاً بالدرر والجوهر وجعل في أذنيها حلقاً من اللؤلؤ بألف دينار وفوق صرتها وتلك القلادة فيها عشر أكر وتسعة أهلة كل هلال في وسطه فص من الياقوت وكل أكرة فيها فص البلخش وثمن تلك القلادة ثلاثة آلاف دينار فصارت الكسوة التي كساها إياها بجملة بليغة من المال، ثم أمرها التاجر بأن تتزين بأحسن الزينة ومشت ومشى التاجر قدامها فلما عاينها الناس بهتوا في حسنها وقالوا: تبارك الله أحسن الخالقين هنيئاً لمن كانت هذه عنده ومازال التاجر يمشي وهي تمشي خلفه حتى دخل على الملك شركان فلما دخل على الملك قبل الأرض بين يديه وقال: أيها الملك السعيد أتيت لك بهدية غريبة الأوصاف، عديمة النظر في هذا الزمان قد جمعت بين الحسن والإحسان، فقال له الملك: قصدي أن أراها عياناً فخرج التاجر وأتى بها حتى أوقفها قدامه فلما رآها الملك شركان حن الدم إلى الدم وكانت قد فارقته وهي صغيرة، ولم ينظرها لنه بعد مدة من ولادتها،سمع أن له أختاً تسمى نزهة الزمان وأخاً يسمى ضوء المكان فاغتاظ من أبيه غيظاً شديداً غيرة على المملكة كما تقدم ولما قدمها إليه التاجر، قال له: يا ملك الزمان إنها مع كونها بديعة الحسن والجمال، بحيث لا نظير لها في عصرها تعرف جميع العلوم الدينية والدنيوية والسياسية والرياضية فقال له الملك: خذ ثمنها مثل ما اشتريتها ودعها وتوجه إلى حال سبيلك. فقال له التاجر: سمعاً وطاعة ولكن اكتب لي مرقوماً لأني لا أدفع عشراً أبداً على تجارتي فقال الملك: إني أفعل لك ذلك ولكن أخبرني كم وزنت ثمنها؟ فقال: وزنت ثمنها ألف دينار وكسوتها بمائة ألف دينار فلما سمع ذلك قال: أنا أعطيك في ثمنها أكثر من ذلك ثم دعا بخازنداره وقال له: أعط هذا التاجر ثلثمائة ألف وعشرين ألف دينار، ثم إن شركان أحضر القضاة الأربعة وقال لهم: أشهدكم أني أعتقت جاريتي هذه وأريد أن أتزوجها فكتب القضاة حجة بأعناقها، ثم اكتبوا كتابي عليها ونثر المسك على رؤوس الحاضرين ذهباً كثيراً وصار الغلمان والخدم يلتقطون ما نثره عليهم الملك من الذهب، ثم إن الملك أمر بكتابة منشور إلى التاجر على طبق مراده من أنه لا يدفع على تجارته عشراً ولا يتعرض له أحد بسوء في سائر مملكته وبعد ذلك أمر له بخلعة سنية. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.






رد مع اقتباس
  #125  
قديم 10-18-2015, 12:34 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة السابعة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك صرف جميع من عنده غير القضاة والتاجر وقال للقضاة: أريد أن تسمعوا من ألفاظ هذه الجارية ما يدل على علمها وأدبها من كل ما ادعاه التاجر لنتحقق صدق كلامه فقالوا: لا بأس من ذلك فأمر بإرخاء ستارة بينه هو ومن معه وبين الجارية ومن معها وصار جميع النساء اللاتي مع الجارية خلف الستارة يقبلن يديها ورجلها لما علموا أنها صارت زوجة الملك، ثم درن حولها وقمن بخدمتها وخففن ما عليها من الثياب وصرن ينظرن حسنها وجمالها وسمعت نساء الأمراء والوزراء أن الملك شركان اشترى جارية لا مثيل لها في الجمال والعلم والأدب وأنها حوت جميع العلوم وقد وزن ثمنها ثلثمائة وعشرين ألف دينار وأعتقها وكتب كتابه عليها وأحضر القضاة الأربعة لأجل امتحانها حتى ينظر كيف تجاوبهم عن أسئلتهم، فطلب النساء الإذن من أزواجهن ومضين إلى القصر الذي فيه نزهة الزمان.
فلما دخلن عليها وجدن الخدم وقوفاً بين يديها وحين رأت نساء الأمراء والوزراء داخلة عليها قامت إليهن وقابلتهن وقامت الجواري خلفها وتلقت النساء بالترحيب وصارت تتبسم في وجوههن فأخذت قلوبهن وأنزلتهن في مراتبهن كأنها تربت معهن فتعجبن من حسنها وجمالها وعقلها وأدبها وقلن لبعضهن، ما هذه جارية بل هي ملكة بنت ملك وصرن يعظمن قدرها وقلن لها: يا سيدتنا أضاءت بك بلدتنا وشرفت بلادنا ومملكتنا فالمملكة مملكتك، والقصر قصرك وكلنا جواريك فبالله لا تخلينا من إحسانك والنظر إلى حسنك فشكرتهن على ذلك هذا كله والستارة مرخاة بين نزهة الزمان ومن عندها من النساء وبين الملك شركان هو والقضاة الأربعة والتاجر ثم بعد ذلك ناداها الملك شركان، وقال لها: أيتها الجارية العزيزة في زمانها إن هذا التاجر قد وصفك بالعلم والأدب وادعى أنك تعرفين في جميع العلوم، حتى علم النحو فأسمعينا من كل باب طرقاً يسير. فلما سمعت كلامه قالت: سمعاً وطاعة أيها الملك الباب الأول في السياسات الملكية وما ينبغي لولاة الأمور الشرعية وما يلزمهم من قبل الأخلاق المرضية اعلم أيها الملك أن مقاصد الخلق منتهية إلى الدين والدنيا لأنه لا يتوصل أحد إلى الدين إلا بالدنيا فإن الدنيا نعم الطريق إلى الآخرة لأن الله تعالى جعل الدنيا للعباد كزاد المسافر إلى تحصيل المراد فينبغي لكل إنسان أن يتناول منها بقدر ما يوصله إلى الله ولا يتبع في ذلك نفسه وهواه، ولو تتناولها الناس بالعدل لانقطعت الخصومات ولكنهم تناولونها بالجور ومتابعة الهوى فتسبب عن انهماكهم عليها الخصومات فاحتاجوا إلى سلطان لأجل أينصف بينهم ويضبط أمورهم ولولا ردع الملك الناس عن بعضهم لغلب قويهم على ضعيفهم وقد اقل إزدشير: إن الدين والملك توأمان فالدين كنز والملك حارس وقد جلت الشرائع والعقول، على أنه يجب على الناس أن يتخذوا سلطاناً يدفع الظالم عن المظلوم، وينصف الضعيف من القوي ويكف بأس العاتي والباغي واعلم أيها الملك أنه على قدر حسن أخلاق السلطان يكون الزمان فإنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئان في الناس: إن صلحا صلح الناس وإن فسدا فسد الناس العلماء والأمراء. وقد قال بعض الحكماء الملوك الثلاثة: ملك ودين وملك محافظة على الحرمات وملك هوى فأما ملك الدين فإنه يلزم رعيته باتباع دينهم وينبغي أن يكون أدينهم لنه هو الذي يقتدي به في أمور الدين ويلزم الناس طاعته فيما أمر به موافقاً للأحكام الشرعية ولكنه ينزل السخط منزلة الراضي بسبب التسليم إلى الأقدار. وأما ملك المحافظة على الحرمات فإنه يقوم بأمور الدين والدنيا يلزم الناس باتباع الشرع والمحافظة على المروءة ويكون جامعاً بين العلم والسيف فمن ذاع عما سطر القلم زلت به القدم فيقوم اعوجاجه بحد الحسام وينشر العدل في جميع الأنام. وأما ملك الهوى فلا يدين له إلا اتباع هواه ولم يخش سطوة مولاه الذي ولاه فمآل ملكه إلى لدمار ونهاية عنوه إلى دار البوار. وقالت الحكماء: الملك يحتاج إلى كثير من الناس وهم محتاجون إلى واحد ولأجل ذلك وجب أن يكون عارفاً باختلافهم، ليرد اختلافهم إلى أوقاتهم ويعمهم بعدله وبغمرهم بفضله واعلم أيها الملك أن إزدشير وهو الثالث من ملوك الفرس قد ملك الأقاليم جميعاً وقسمها على أربعة أقسام وجعل له من أجل ذلك أربعة خواتم لكل قسم خاتم، الأول خاتم البحر والشرطة والمحاماة وكتب عليه بالنيابات، الثاني خاتم الخراج وجباية الأموال وكتب عليه العمارة الثالث وكتب عليه الرخاء، الرابع خاتم المظالم وكتب عليه العدل واستمرت هذه الرسوم في الفرس إلى أن ظهر الإسلام وكتب كسرى لابنه وهو في جيشه: بل توسعن على جيشك فيستغنوا عنك، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


رد مع اقتباس
  #126  
قديم 10-18-2015, 12:35 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة الثامنة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنها قالت: كسرى كتب لابنه وهو في جيشه: لا توسعن على جيشك فيستغنوا عنك ولا تضيق عليهم فيضجروا منك وأعطهم عطاءاً مقتصداً وامنحهم منحاً جميلاً ووسع عليهم في الرخاء ولا تضيق عليهم في الشدة. وروي أن أعرابياً جاء إلى المنصور وقال له: ارجع كلبك يتبعك فغضب المنصور من الأعرابي لما سمع منه هذا الكلام فقال له أبو العباس الطوسي: أخشى أن يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويتركك فسكن غيظ المنصور وعلم أنها كلمة لا تخطيء وأمر للأعرابي بعطية واعلم أيها الملك أنه كتب عبد الملك بن مروان لأخيه عبد العزيز بن مروان حين وجهه إلى مصر: تفقد كتابك وحجابك فإن الثابت يخبرك عنه كتابك والترسيم تعرفك به حجابك والخارج من عندك يعرفك بجيشك. وكان عمر بن الخطاب إذا استخدم خادماً شرط عليه أربعة شروط: أن لا يركب البرازين وأن لا يلبس الثياب النفيسة وأن لا يأكل من القيء وأن لا يؤخر الصلاة عن وقتها وقيل: لا مال أجود من العقل ولا عقل كالتدبير والحزم ولا حزم كالتقوى ولا قربة كحسن الخلق ولا ميزان كالأدب ولا فائدة كالتوفيق ولا تجارة كالعمل الصالح ولا ربح كثواب الله ولا ورع كالوقوف عند حدود السنة ولا علم كالتفكر ولا عبادة كالفرائض ولا إيمان كالحياة ولا حسب كالتواضع ولا شرف كالعلم فاحفظ الرأس وماحوى والبطن وما وعى واذكر الموت والبلا. وقال الإمام علي رضي الله عنه: اتقوا أشرار النساء وكونوا منهن على حذر ولا تشاورهن في أمر ولا تطيعوهن في معروف حتى لا يطمعن في المنكر، وقال: من ترك الاقتصاد حار عقله. وقال عمر رضي الله عنه: النساء ثلاث: امرأة مسلمة نقية ودود تعين بعلها على الدهر ولا تعين الدهر على بعلها،وأخرى تراد للولد لا تزيد على ذلك، وأخرى يجعلها الله غلاً في عنق من يشاء، والرجال أيضاً ثلاثة: رجل عاقل إذا أقبل على رأيه، وآخر أعقل منه وهو من إذا نزل به أمر لا يعرف عاقبته فيأتي ذوي الرأي فينزل عن آرائهم، وآخر حائر، لا يعلم رشداً ولا يطيع مرشداً والعدل لا بد منه في كل الأشياء، حتى أن الجواري يحتجن إلى العدل وضربوا لذلك مثلاً قطاع الطرق، المقيمين على ظلم الناس فإنهم لو يتناصفوا فيما بينهم، ويستعملوا الواجب فيما يقسمونه لاختل نظامهم وبالجملة فسيد مكارم الأخلاق الكرام وحسن الخلق وما أحسن قول الشاعر: ببذل وحلم ساد في قومه الفتى وكونك إياه عـلـيك يسـير وقال آخر: ففي الحلم إتقان وفي العفـو هـيبة وفي الصدق منجاة لمن كان صادقاً ومن يلتمس حسن الثناء بـمـالـه يكن بالندى في حلبة المجد سابقـا ثم إن نزهة الزمان تكلمت في سياسة الملوك حتى قال الحاضرون: ما رأينا أحداً تكلم في باب السياسة مثل هذه الجارية فلعلها تسمعنا شيئاً من غير هذا الباب فسمعت نزهة الزمان ما قالوه وفهمته، فقالت: وأما باب الأدب فإنه واسع المجال لأنه مجمع الكمال، فقد اتفق أن بني تميم وفدوا على معاوية ومعهم الأحنف بن قيس فدخل حاجب معاوية عليه ليستأذنه لهم في الدخول فقال: يا أمير المؤمنين أن أهل العراق يريدون الدخول عليك ليحدثوا معك فاسمع حديثهم، فقال معاوية: انظر من بالباب، فقال: بنو تميم قال: ليدخلوا، فدخلوا ومعهم الأحنف بن قيس، فقال له معاوية: اقرب مني يا أبا بحر بحيث أسمع كلامك ثم قال: يا أبا بحر كيف رأيك لي؟ قال: يا أمير المؤمنين فرق الشعر وقص الشارب وقلم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
رد مع اقتباس
  #127  
قديم 10-18-2015, 12:36 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة التاسعة والسبعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنها قالت: إن الأحنف بن قيس قال لمعاوية لما سأله: وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين قال له معاوية: كيف رأيك لنفسك؟ قال: أوطئ قدمي على الأرض وأنقلهم على تمهل وأراعيها بعيني، قال: كيف رأيك إذا دخلت على نفر من قومك دون الأمراء؟ قال: أطرق حياء وأبدأ بالسلام وأدع ما لا يعنيني وأقل الكلام. قال: كيف رأيك إذا دخلت على نظرائك؟ قال: استمع لهم إذا قالوا ولا أجول عليهم إذا جالوا. قال: كيف رأيك إذا دخلت على أمرائك؟ قال: أسلم من غير إشارة وأنتظر الإجابة فإن قربوني قربت وإن بعدوني بعدت قال: كيف رأيك مع زوجتك؟ قال: اعفني من هذا يا أمير المؤمنين قال: أقسمت عليك أن تخبرني قال: أحسن الخلق وأظهر العشرة وأوسع النفقة فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج. قال: فما رأيك إذا أردت أن تجامعها؟ قال: أكلمها حتى تطيب نفسها وألثمها حتى تطرب فإن كان الذي تعلم طرحتها على ظهرها وإن استقرت النطفة في قرارها قلت: اللهم اجعلها مباركة ولا تجعلها شقية وصورها أحسن تصوير ثم أقوم عنها إلى الوضوء فأفيض الماء على يدي ثم أصبه على جسدي ثم أحمد الله على ما أعطاني من النعم. فقال معاوية: أحسنت في الجواب فقل حاجتك؟ فقال: حاجتي أن تتق الله في الرعية وتعدل بينهم بالسوية ثم نهض قائماً من مجلس معاوية فلما ولى قال معاوية لو لم يكن بالعراق إلا هذا لكفى ثم إن نزهة الزمان قالت: وهذه النبذة من جملة باب الأدب واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عادلاً على بيت المال، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


رد مع اقتباس
  #128  
قديم 10-18-2015, 12:36 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة الثمانين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان، قالت: واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عاملاً على بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب فاتفق أنه رأى بن عمر يوماً فأعطاه درهماً من بيت المال قال معيقب: وبعد أن أعطيته الدرهم انصرفت إلى بيتي فبينما أن أجالس وإذا برسول عمر جاءني فذهبت معه وتوجهت إليه فإذا الدرهم في يده وقال لي: ويحك يا معيقب أني قد وجدت في نفسك شيئاً قلتك يا أمير المؤمنين، قال: إنك تخاصم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة، وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري كتاباً مضمونه: إذا جاءك كتابي هذا فأعط الناس الذي لهم واحمل ما بقي ففعل فلما أعطوا عثمان الخلافة كتب إلى أبي موسى ذلك ففعل، وجاء زياد معه وضع الخراج بين يدي عثمان جاء راشد فأخذ منه درهماً فبكى زياد فقال عثمان: ما يبكيك؟ قال: أتيت عمر بن الخطاب بمثل ذلك أخذ ابنه فأمر بنزعه من يده وابنك أخذ فلم أر أحداً ينزعه منه أو يقول له شيئاً، فقال عثمان: وأين نلقى مثل عمرو. روى زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرجت مع عمر ذات ليلة حتى أشرفنا على نار تضرم فقال: يا أسلم إني أحسب هؤلاء ركبا أضربهم البرد، فانطلق بنا إليهم فخرجنا حتى أتينا إليهم فإذا امرأة توقد ناراً تحت قدر ومعها صبيان يتضاغون، فقال عمر: السلام عليكم أصحاب الضوء وكره أن يقول أصحاب النار ما بالكم؟ قالت: اضربنا البرد والليل قال: فما بال هؤلاء يضاغون؟ قالت: من الجوع قال: فما هذا القدر؟ قالت: ماء أسكتهم به وإن عمر بن الخطاب ليسأله الله يوم القيامة قال: وما يدري عمر بحالهم؟ قالت: كيف يتولى أمور الناس ويغفل عنهم؟ وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


رد مع اقتباس
  #129  
قديم 10-18-2015, 12:37 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة الحادية والثمانين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد قال أسلم: فأقبل عمر علي وقال: انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الصرف فأخرج عدلاً فيه دقيق وإناء فيه شحم ثم قال: حملني هذا فقلت: أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين فقال: أتحمل عن وزري يوم القيامة؟ فحملته إياه وخرجنا نهرول حتى ألقينا ذلك العدل عندها ثم أخرج من الدقيق شيئاً وجعل يقول للمرأة: زددي إلي، وكان ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فرأيت الدخان يخرج من خلال لحيته حتى طبخ وأخذ مقدار من الشحم فرماه فيه ثم قال: أطعميهم وأنا أبرد لهم ولم يزالوا كذلك حتى أكلوا وشبعوا وترك الباقي عندها ثم أقبل علي وقال: يا أسلم إني رأيت الجوع أبكاهم فأحببت أن لا أنصرف، حتى يتبين لي سب الضوء الذي رأيته. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.






رد مع اقتباس
  #130  
قديم 10-18-2015, 12:38 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي وفي الليلة الثانية والثمانين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت: قيل أن عمر مر براع مملوك فابتاعه شاة فقال له: إنها ليست لي فقال: أنت القصد فاشتراه ثم أعتقه وقال: اللهم كما رزقتني العتق الأصغر ارزقني العتق الأكبر، وقيل أن عمر بن الخطاب يطعم الحليب للخدم، ويأكل اللبن ويكسوهم الغليظ ويلبس الخشن ويعطي الناس حقوقهم ويزيد في عطائهم وأعطى رجلاً أربعة آلاف درهم وزده ألفاً فقيل: أما تزيد ابنك كما ردت هذا؟ قال: أتيت والده يوم أحد وقال الحسن: أتى عمر بمال كثير فأتته حفصة وقالت له: يا أمير المؤمنين حق قرابتك فقال: يا حفصة إنما أوصى الله بحق قرابتي من مالي وأما مال المسلمين فلا يا حفصة قد أرضيت قومك وأغضبت أباك فقامت تجر ذيلها. وقال ابن عمر: تضرعت إلى ربي سنة من السنين أن يريني أبي حتى رأيته يمسح العرق عن جبينه فقلت له: ماحالك يا والدي؟ فقال: لولا رحمة ربي لهلك أبوك. قالت نزهة الزمان: اسمع ايها الملك السعيد الفصل الثاني من الباب الثاني وهو باب الأدب والفضائل وما ذكر فيه من أخبار التابعين والصالحين. قال الحسن البصري: لا تخرج نفس آدم عن الدنيا إلا وهو يتأسف على ثلاثة أشياء: عدم تمتعه بما سمع، وعدم إدراكه لما أملى، وعدم استعداده بكثرة الزاد لما هو قادم عليه. وقيل لسفيان: هل يكون الرجل زاهد وله مال؟ قال: نعم إذا كان متى صبر ومتى أعطى شكر، وقيل لما حضرت عبد الله بن شداد الوفاة أحضر ولده محمد فأوصاه وقال له: يا بني إني لأرى داعي الموت قد دعاني فاتق ربك في السر والعلانية واشكر الله على ما أنعم واصدق في الحديث، فالشكر يؤذن بازدياد النعم والتقوى خير زاد في الميعاد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.








رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 AM.