أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .

 

 



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 10-03-2015, 06:10 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة التاسعة والعشرون


تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم



قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت للشاب :
لا أقبلك على عدم عقلك وسوء فعلك .
ثم تناولت من جانبها سوطاً ونزلت به على ظهري ثم على مقاعدي حتى غبت عن الوجود من كثرة الضرب ثم إنها قالت للجواري :
خذوه وامضوا به إلى متولي ليقطع يده التي أكل بها الزرباجة ، ولم يغسلها .
فلما سمعت ذلك قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله أتقطع يدي من أجل أكل الزرباجة وعدم غسلي إياها .
فدخلن عليها الجواري ، وقلن لها : يا أختنا لا تؤاخذيه بفعله هذه المرة .
فقالت : والله لا بد أن أقطع شيئاً من أطرافه .
ثم راحت وغابت عني عشرة أيام ولم أرها إلا بعد عشرة أيام ثم أقبلت علي وقالت لي : يا أسود الوجه أنا لا أصلح لك فكيف تأكل الزرباجة ولم تغسل يدك .
ثم صاحت على الجواري فكتفوني وأخذت موساً ماضياً وقطعت إبهامي يدي وإبهامي ورجلي كما ترون يا جماعة فغشي علي ، ثم ذرت علي بالذرور فانقطع الدم وقلت في نفسي :
لا آكل الزرباجة ما بقيت حتى أغسل يدي أربعين مرة بالإشنان وأربعين مرة بالسعد وأربعين مرة بالصابون فأخذت علي ميثاقاً أني لا آكل الزرباجة حتى أغسل يدي كما ذكرت لكم فلما جئتم بهذه الزرباجة تغير لوني وقلت في نفسي : هذا سبب ابهامي يدي ورجلي ، فلما غصبتم علي قلت : لا بد أن أوفي بما حلفت .
فقلت له والجماعة حاضرون : ما حصل لك بعد ذلك ?
قال : فلما حلفت لها طاب قلبها ونمت أنا وإياها وأقمنا مدة على هذا الحال وبعد تلك المدة قالت :
إن أهل دار الخلافة لا يعلمون بما حصل بيني وبينك فيها وما دخلها أجنبي غيرك وما دخلت فيها إلا بعناية السيدة زبيدة .
ثم أعطتني خمسين ألف دينار وقالت : خذ هذه الدنانير واخرج واشتر لنا بها داراً فسيحة .
فخرجت واشتريت داراً فسيحة مليحة ونقلت جميع ما عندها من النعم وما ادخرته من الأموال والقماش والتحف إلى هذه الدار التي اشتريتها فهذا سبب قطع إبهامي .
فأكلنا وانصرفنا وبعد ذلك جرى لي مع الأحدب ما جرى وهذا جميع حديثي والسلام .
فقال الملك : ما هذا بأعذب من حديث الأحدب بل حديث الأحدب أعذب من ذلك ولا بد صلبكم جميعاً .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 10-03-2015, 06:11 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الثلاثين

تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم



قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قال :
لابد من صلبكم جميعاً .
فتقدم اليهودي وقبل الأرض وقال : يا ملك الزمان أنا أحدثك بحديث أعذب من حديث الأحدب .
فقال له ملك الصين : هات ما عندك .
فقال : أعجب ما جرى في زمن شبابي أني كنت في الشام وتعلمت منه صنعة فعملت فيها ، فبينما أنا أعمل في صنعتي يوماً من الأيام ، إذا تأتي مملوك من بيت الصاحب بدمشق ، فخرجت له وتوجهت معه إلى منزل الصاحب فدخلت فرأيت في صدر الإيوان سريراً من المرمر بصفائح الذهب وعليه مريض راقد وهو شاب لم ير أحسن منه في زمانه فقعدت عند رأسه ووعدت له بالشفاء فأشار إليه بعينيه فقلت له :
يا سيدي ناولني يدك .
فأخرج لي يده اليسرى فتعجبت من ذلك وقلت في نفسي : يا الله العجب أن هذا الشاب مليح ومن بيت كبير وليس عنده أدب إن هذا هو العجب .
ثم جسست مفاصله وكتبت له ورقة ومكثت أتردد عليه مدة عشرة أيام وفي اليوم الحادي عشر قال الشاب :
هل لك أنت نتفرج في الغرفة ?
فقلت : نعم فأمر العبيد أن يطلعوا الفراش إلى فوق وأمرهم أن يشووا خروقاً وأن يأتوا إلينا بفاكهة ففعل العبيد ما أمرهم به وأتوا بالفاكهة فأكلنا وأكل هو بيده الشمال .
فقلت له : حدثني بحديثك .
فقال لي : يا حكيم الزمان اسمع حكاية ما جرى لي ، اعلم أنني من أولاد الموصل وكان لي والد قد توفي أبوه وخلف عشرة أولاد ذكور من جملتهم والدي وكان أكبرهم فكبروا كلهم وتزوجوا ورزق والدي بي وأما إخوته التسعة فلم يرزقوا بأولاد فكبرت أنا وصرت بين أعمامي وهم فرحون بي فرحاً شديداً ، فلما كبرت وبلغت مبلغ الرجال وكنت ذات يوم مع والدي في جامع الموصل وكان اليوم يوم جمعة فصلينا الجمعة وخرج الناس جميعاً وأما والدي وأعمامي فإنهم قعدوا يتحدثون في عجائب البلاد وغرائب المدن إلى أن ذكروا مصر فقال بعض أعمامي :
إن المسافرين يقولون : ما على وجه الأرض أحسن من مصر ونيلها ، ثم أنهم أخذوا يصفون مصر ونيلها ، فلما فرغوا من كلامهم وسمعت أنا هذه الأوصاف التي في مصر صار بالي مشغولاً بها ثم انصرفوا وتوجه كل واحد منهم إلى منزله .
فبت تلك الليلة لم يأتني نوم من شغفي بها ولم يطب لي أكل ولا شرب فلما كان بعد أيام قلائل تجهز أعمامي إلى مصر فبكيت على والدي لأجل الذهاب معهم حتى جهز لي متجراً ومضيت معهم وقال لهم :
لا تدعوه يدخل مصر بل اتركوه في دمشق لبيع متجره فيها .
ثم سافرنا وودعت والدي وخرجنا من الموصل وما زلنا مسافرين إلى أن وصلنا إلى حلب فأقمنا بها أياماً ثم سافرنا إلى أن وصلنا دمشق فرأيناها مدينة ذات أشجار وأنهار وأثمار وأطيار كأنها جنة فيها كل فاكهة فنزلنا في بعض الخانات واستمر بها أعمامي حتى باعوا واشتروا وباعوا بضاعتي فربح الدرهم خمسة دراهم ففرحت بالربح ثم تركني أعمامي وتوجهوا إلى مصر .


وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 10-03-2015, 06:12 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الواحدة والثلاثين

تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم




قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما تركوه أعمامه وتوجهوا إلى مصر قال : مكثت بعدهم وسكنت في قاعة مليحة البنيان يعجر عن وصفها اللسان أجرتها كل شهر بدينارين وصرت أتلذذ بالمآكل والمشارب حتى صرفت المال الذي كان معي فبينما أنا قاعد على باب القاعة يوماً من الأيام وإذا بصبية أقبلت علي وهي لابسة أفخر الملابس وما رأت عيني أفخر منها فعزمت عليها فما قصرت بل صارت داخل الباب فلما دخلت ظفرت بها وفرحت بدخولها فرددت الباب علي وعليها وكشفت عن وجهها وقلعت إزارها فوجدتها بديعة الجمال فتمكن حبها من قلبي فقمت وجئت بسفرة من أطيب المأكول والفاكهة وما يحتاج عليه المقام وأكلنا ولعبنا وبعد اللعب شربنا حتى سكرنا ثم نمت معها في أطيب ليلة إلى الصباح ، وبعد ذلك أعطيتها عشرة دنانير فحلفت أنها لا تأخذ الدنانير مني ثم قالت :
يا حبيبي انتظرني بعد ثلاثة أيام وقت المغرب أكون عندك وهيء لنا بهذه الدنانير مثل هذا .
وأعطتني هي عشرة دنانير وودعتني وانصرفت فأخذت عقلي معها .
فلما مضت الأيام الثلاثة أتت وعليها من المزركش أو الحلي والحلل أعظم مما كان عليها أولاً وكنت هيأت لها ما يليق بالمقام قبل أن تحضر فأكلنا وشربنا ونمنا مثل العادة إلى الصباح ثم أعطتني عشرة دنانير وواعدتني بعد ثلاثة أيام أنها تحضر عندي فهيأت لها ما يليق بالمقام وبعد ثلاثة أيام حضرت في قماش أعظم من الأول والثاني ثم قالت لي :
يا سيدي هل أنا مليحة ?
فقلت : أي والله .
فقالت : هل تأذن لي أن أجيء معي بصبية أحسن مني وأصغر سناً مني حتى تلعب معنا ونضحك وإياها فإنها سألتني أن تخرج معي وتبيت معنا لنضحك وإياها .
ثم أعطتني عشرين ديناراً وقالت لي : زد لنا المقام لأجل الصبية التي تأتي معي .
ثم إنها ودعتني وانصرفت ، فلما كان اليوم الرابع جهزت لها ما يليق بالمقام على العادة فلما كان بعد المغرب وإذا بها قد أتت ومعها واحدة ملفوفة بإزار فدخلتا وجلستا ففرحت وأوقدت الشموع واستقبلتهما بالفرح والسرور فقامتا ونزعتا ما عليهما من الثياب ، وكشفت الصبية الجديدة عن وجهها فرأيتها كالبدر في تمامه فلم أر أحسن منها فقمت وقدمت لهما الأكل والشرب فأكلنا وشربنا وصرت أقبل الصبية الجديدة وأملأ لها القدح وأشرب معها فغارت الصبية الأولى في الباطن ثم قالت :
بالله إن هذه الصبية مليحة أما هي أظرف مني ?
فقلت : أي والله .
قالت : خاطري أن تنام معها .
قلت : على رأسي وعيني .
ثم قامت وفرشت لنا فقمت ونمت مع الصبية الجديدة إلى وقت الصبح فلما أصبحت وجدت يدي ملوثة بدم فتحت عيني فوجدت الشمس قد طلعت فنبهت الصبية فتدحرج رأسها عن بطنها فظننت أنها فعلت ذلك من غيرتها منها ففكرت ساعة ثم قمت قلعت ثيابي وحفرت في القاعة ووضعت الصبية ورددت التراب وأعدت الرخام كما كان ورفعت المخدة فوجدت تحتها العقد الذي كان في عنق تلك الصبية فأخذته وتأملته وبكيت ساعة ثم أقمت يومين وفي اليوم الثالث دخلت الحمام وغيرت أثوابي وأنا ما معي شيء من الدراهم فجئت يوماً إلى السوق فوسوس لي الشيطان لأجل إنفاذ القدر فأخذت عقد الجوهر وتوجهت به إلى السوق وناولته للدلال فقام لي وأجلسني بجانبه وصبر حتى عمر السوق وأخذه الدلال ونادى عليه خفية وأنا لا أعلم وإذا بالعقد مثمن بلغ ثمنه ألفي دينار فجاءني الدلال وقال لي :
إن هذا العقد نحاس مصنوع بصنعة الإفرنج وقد وصل ثمنه إلى ألف درهم . فقالت له : نعم كنا صنعناه بصنعة الإفرنج لواحدة نضحك عليها به وورثتها زوجتي فرأينا بيعه ، فرح واقبض الألف .




وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 10-04-2015, 07:12 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الثانية والثلاثين

تكملة حكاية الخياط والأحدب واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم
وبداية حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للدلال :
اقبض الألف درهم .
وسمع الدلال ذلك عرف أن قضيته مشكلة فتوجه بالعقد إلى كبير السوق وأعطاه إياه فأخذه وتوجه به إلى الوالي وقال له :
إن هذا العقد سرق من عندي ووجدنا الحرامي لابساً لباس أولاد التجار .
فلم أشعر إلا والظلمة قد أحاطوا بي وأخذوني وذهبوا بي إلى الوالي فسألني الوالي عن ذلك العقد فقلت له ما قلته للدلال فضحك الوالي وقال :
ما هذا كلام الحق فلم أدر إلا وحواشيه جردوني من ثيابي وضربوني بالمقارع على جميع بدني فأحرقني الضرب فقلت :
أنا سرقته .
ولم أقل إن صاحبته مقتولة عندي فيقتلوني فيها ، فلما قلت أني سرقته قطعوا يدي وقلوها في الزيت فغشي علي فسقوني الشراب حتى أفقت فأخذت يدي ورجئت إلى القاعة فقال صاحب القاعة :
حيثما جرى لك هذا فاخل القاعة وانظر لك موضعاً آخر لأنك متهم بالحرام .
فقلت له : يا سيدي اصبر علي يومين أو ثلاثة حتى أنظر لي موضعاً .
قال : نعم .
ومضى وتركني ، فبقيت قاعد أبكي وأقول : كيف أرجع إلى أهلي وأنا مقطوع اليد والذي قطع يدي لم يعلم أني بريء فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، وصرت أبكي بكاء شديداً فلما مضى صاحب القاعة عني لحقني غم شديد فتشوشت يومين وفي اليوم الثالث ما أدري غلا وصاحب القاعة جاءني ومعه بعض الظلمة وكبير السوق وادعى علي أني سرقت العقد فخرجت لهم وقلت :
ما الخبر ?
فلم يمهلوني بل كتفوني ووضعوا في رقبتي جنزيراً وقالوا لي :
إن العقد الذي كان معك طلع لصاحب دمشق ووزيرها وحاكمها .
وقالوا : إن هذا العقد قد ضاع من بيت الصاحب من مدة ثلاث سنين ومعه ابنته .
فلما سمعت هذا الكلام منهم ارتعدت مفاصلي وقلت في نفسي إنهم سيقتلونني ولا محالة ، والله لابد أنني أحكي للصاحب حكايتي فإن شاء قتلني وإن شاء عفى عني ، فلما وصلنا إلى الصاحب أوقفني بين يديه فلما رآني قال :
أهذا هو الذي سرق العقد ونزل به ليبيعه ? إنكم قطعتم يده ظلماً ثم أمر بسجن كبير السوق وقال له :
أعط هذا دية يده وإلا أشنقك وآخذ جميع مالك .
ثم صاح على أتباعه فأخذوه وجردوه وبقيت أنا والصاحب وحدنا بعد أن فكوا الغل من عنقي بإذنه وحلوا وثاقي ثم نظر إلي الصاحب وقال :
يا ولدي حدثني واصدقني كيف وصل إليك هذا العقد ?
فقلت : يا مولاي إني أقول لك الحق .
ثم حدثته بجميع ما جرى لي مع الصبية الأولى وكيف جاءتني بالثانية وكيف ذبحتها من الغيرة وذكرت له الحديث بتمامه .
فلما سمع كلامي هز رأسه وحط منديله على وجهه وبكى ساعة ثم أقبل علي وقال لي :
اعلم يا ولدي أن الصبية ابنتي وكنت أحجز عليها فلما بلغت أرسلتها إلى ابن عمها بمصر فجاءتني وقد تعلمت العهر من أولاد مصر وجاءتك أربع مرات ، ثم جاءتك بأختها الصغيرة والاثنتان شقيقتان وكانتا محبتين لبعضهما فلما جرى للكبيرة ما جرى أخرجت سرها على أختها فطلبت مني الذهاب معها ثم رجعت وحدها فسألتها عنها فوجدتها تبكي عليها وقالت :
لا اعلم لها خبر .
ثم قالت لأمها سراً جميع ما جرى من ذبحها أختها فأخبرتني أمها سراً ولم تزل تبكي وتقول :
والله لا أزال أبكي عليها حتى أموت .
وكلامك يا ولدي صحيح فإني أعلم بذلك قبل أن تخبرني به فانظر أن أزوجك ابنتي الصغيرة فإنها ليست شقيقة لهما وهي بكر ولا آخذ منك مهراً فأجعل لكما راتباً من عندي وتبقى عندي بمنزلة ولدي .
فقلت له : الأمر كما تريد يا سيدي ومن أين لي أن أصل إلى هذا .
فأرسل الصاحب في الحال من عنده بريد وأتاني بمالي الذي خلفه والدي والذي أنا اليوم في أرغد عيش .
فتعجبت منه وأقمت عنده ثلاثة أيام وأعطاني مالاً كثيراً ، وسافرت من عنده فوصلت إلى بلدكم هذه فطابت لي المعيشة وجرى لي مع الأحدب ما جرى .
فقال ملك الصين : ما هذا بأعجب من حديث الأحدب ولا بد لي من شنقكم جميعاً وخصوصاً الخياط الذي هو رأس كل خطيئة .
قال : يا خياط إن حدثتني بشيء أعجب من حديث الأحدب وهبت لكم أرواحكم .
فعند ذلك تقدم الخياط وقال : اعلم يا ملك الزمان أن الذي جرى لي أعجب مما جرى للجميع لأني كنت قبل أن أجتمع بالأحدب أول النهار في وليمة بعض أصحاب أرباب الصنائع من خياطين وبزازين ونجارين وغير ذلك ، فلما طلعت الشمس حضر الطعام لنأكل ، وإذا بصاحب الدار قد دخل علينا ومعه شاب وهو أحسن ما يكون من الجمال غير أنه أعرج فدخل علينا وسلم فقمنا له ، فلما أراد الجلوس رأى فينا إنساناً مزيناً فامتنع عن الجلوس وأراد أن يخرج من عندنا فمنعناه نحن وصاحب المنزل وشددنا عليه وحلف عليه صاحب المنزل وقال له : ما سبب دخولك وخروجك ?
فقال : بالله يا مولاي لا تتعرض لي بشيء فإن سبب خروجي هذا المزين الذي هو قاعد .
فلما سمع منه صاحب الدعوة هذا الكلام تعجب غاية العجب وقال :
كيف يكون هذا الشاب من بغداد وتشوش خاطره من هذا المزين .
ثم التفتنا إليه وقلنا له : إحك لنا ما سبب غيظك من هذا المزين فقال الشاب : يا جماعة إنه جرى لي مع هذا المزين أمر عجيب في بغداد بلدي وكان هو سبب عرجي وكسر رجلي وحلفت أني ما بقيت قاعداً في مكان ولا أسكن في بلد هو ساكن بها وقد سافرت من بغداد ورحلت منها وسكنت في هذه المدينة وأنا الليلة لا أبيت إلا مسافر .
فقلنا : بالله عليك أن تحكي لنا حكايتك معه .
فاصفر لون المزين حين سألنا الشاب ، ثم قال الشاب : اعلموا يا جماعة الخير أن والدي من أكابر تجار بغداد ولم يرزقها الله تعالى بولد غيري .
فلما كبرت وبلغت مبلغ الرجال توفي والدي إلى رحمة الله تعالى وخلف لي مالاً وخدماً وحشماً فصرت ألبس الملابس وآكل أحسن المآكل ، وكان الله سبحانه وتعالى بغضني في النساء إلى أن كنت ماشياً يوماً من الأيام في أزقة بغداد وإذا بجماعة تعرضوا لي في الطريق فهربت ودخلت زقاقاً لا ينفذ وارتكنت في آخره على مصطبة فلم أقعد غير ساعة وإذا بطاقة قبالة المكان الذي أنا فيه فتحت وطلت منها صبية كالبدر في تمامه لم أر في عمري مثلها ولها زرع تسقيه وذلك الزرع تحت الطاقة فالتفتت يميناً وشملاً ثم قفلت الطاقة وغابت عن عيني .
فانطلقت في قلبي النار واشتغل خاطري بهما وانقلب بغضي للنساء محبة فما زلت جالساً في المكان إلى المغرب وأنا غائب عن الدنيا من شدة الغرام وإذا بقاضي المدينة راكب وقدامه عبيد ووراءه خدم فنزل ودخل البيت الذي طلت منه تلك الصبية فعرفت أنه أبوها ، ثم إني جئت منزلي وأنا مكروب ووقعت على الفراش مهموماً فدخلن علي جواري وقعدن حولي ولم يعرفن ما بي وأنا لم أبد لهن أمراً ولم أرد لخطابهن جواباً ، وعظم مرضي فصارت الناس تعودني فدخلت علي عجوز فلما رأتني لم يخف عليها حالي ، فقعدت عند رأسي ولاطفتني وقالت لي :
قل لي خبرك ?
فحكيت لها حكايتي .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 10-04-2015, 07:13 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الثالثة والثلاثون

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما حكى للعجوز حكايته قالت له :
يا ولدي إن هذه بنت قاضي بغداد وعليها الحجر والموضع الذي رأيتها فيه هو طبقتها وأبوها له هالة في أسفل وهي وحدها وأنا كثيراً ما أدخل عندهم ولا تعرف وصالها إلا مني فشد حيلك .
فتجلدت وقويت نفسي حين سمعت حديثها وفرح أهلي في ذلك اليوم وأصبحت متماسك الأعضاء مرتجياً تمام الصحة ، ثم مضت العجوز ورجعت ووجهها متغيراً فقالت :
يا ولدي لا تسأل عما جرى منها ، لما قلت لها ذلك فإنها قالت لي : إن لم تسكتي يا عجوز النحس عن هذا الكلام لأفعلن بك ما تستحقينه ولا بد أن أرجع إليها ثاني مرة .
فلما سمعت ذلك منها ازددت مرضاً على مرضي ، فلما كان بعد أيام أتت العجوز وقالت : يا ولدي أريد منك البشارة .
فلما سمعت ذلك منها ردت روحي إلى جسمي وقلت لها : لك عندي كل خير .
فقالت : إني ذهبت بالأمس إلى تلك الصبية ، فلما نظرتني وأنا منكسرة الخاطر باكية العين .
قالت : يا خالتي أراك ضيقة الصدر .
فلما قالت لي ذلك بكيت وقلت لها : يا ابنتي وسيدتي إني أتيتك بالأمس من عند فتى يهواك وهو مشرف على الموت من أجلك .
فقالت لي وقد رق قلبها : ومن يكون هذا الفتى الذي تذكرينه ?
قلت : هو ولدي وثمرة فؤادي ورآك من الطاقة من أيام مضت وأنت تسقين زرعك ورأى وجهك فهام بك عشقاً وأنا أول مرة أعلمته بما جرى لي معك فزاد مرضه ولزم الوساد وما هو إلا ميت ولا محالة .
فقالت وقد اصفر لونها : هل هذا كله من أجلي ?
قلت : إي والله فماذا تأمرين ?
قالت : أمضي إليه وأقرئيه مني السلام وأخبريه أن عندي أضعاف ما عنده فإذا كان يوم الجمعة قبل الصلاة يجيء إلى الدار وأنا أقول افتحوا له الباب وأطلعه عندي وأجتمع أنا وإياه ساعة ويرجع قبل مجيء والدي من الصلاة .
فلما سمعت كلام العجوز زال ما كنت أجده من الألم واستراح قلبي ودفعت إليها ما كان علي من الثياب وانصرفت وقالت لي :
طيب قلبك .
فقلت لها : لم يبق فيه شيء من الألم .
وتباشر أهل بيتي وأصحابي بعافيتي ، ولم أزل كذلك إلى يوم الجمعة وإذ بعجوز دخلت علي وسألتني عن حالي فأخبرتها أني بخير وعافية ثم لبست ثيابي وتعطرت ومكثت أنظر الناس يذهبون إلى الصلاة حتى أمضي إليها فقالت لي العجوز :
إن معك الوقت اتساعاً زائداً فلو مضيت إلى الحمام وأزلت شعرك لا سيما من أثر المرض لكان في ذلك صلاحك .
فقلت لها : إن هذا هو الرأي الصواب لكن أحلق رأسي أولاً ، ثم أدخل الحمام .
أرسلت إلى المزن ليحلق لي رأسي وقلت للغلام :
امض إلى السوق وائتني بمزين يكون عاقلاً قليل الفضول لا يصدع رأسي بكثرة كلامه .
فمضى الغلام وأتى بهذا الشيخ فلما دخل سلم علي فرددت : عليك السلام .
فقال : أذهب الله غمك وهمك والبؤس والأحزان عنك .
فقلت له : تقبل الله منك .
فقال : أبشر يا سيدي فقد جاءتك العافية أتريد تقصير شعرك أو إخراج دم فإنه ورد عن ابن عباس أنه قال : من قصر شعره يوم الجمعة صرف الله عنه سبعين داء وروي أيضاً أنه قال : من أحتجم يوم الجمعة ، فإنه يأمن ذهاب البصر وكثرة المرض .
فقلت له : دع عنك هذا الهذيان وقم في هذه الساعة احلق لي رأسي ، فإني رجل ضعيف .
فقام ومد يده وأخرج منديلاً وفتحه ، وإذا فيه اصطرلاب وهو سبع صفائح فأخذه ومضى إلى وسط الدار ورفع رأسه إلى شعاع الشمس ونظر ملياً وقال لي :
اعلم أنه مضى من يومنا هذا وهو يوم الجمعة ، وهو عاشر صفر سنة ثلاث وسبعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وطالعه بمقتضى ما أوجبه علم الحساب المريخ سبع درج وستة دقائق واتفق أنه يدل على أن حلق الشعر جيد جداً ، ودل عندي على أنك تريد الإقبال على شخص وهو مسعود لكن بعده كلام يقع وشيء لا أذكره لك .
فقلت له : لقد أضجرتني وأزهقت روحي وفولت علي ، وأنا ما طلبتك إلا لتحلق رأسي ولا تطل علي الكلام .
فقال : والله لو علمت حقيقة الأمر لطلبت مني زيادة البيان وأنا أشير عليك أنك تعمل اليوم بالذي أمرك به ، بمقتضى حساب الكواكب وكان سبيلك أن تحمد الله ولا تخافني ، فإني ناصح لك وشفيق عليك وأود أن أكون في خدمتك سنة كاملة وتقوم بحقي ولا أريد منك أجرة على ذلك .
فلما سمعت ذلك منه قلت له : إنك قاتلي في هذا اليوم ، ولا محالة .


وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .




رد مع اقتباس
  #36  
قديم 10-04-2015, 07:14 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الرابعة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب قال له :
إنك قاتلي في هذا اليوم .
فقال : يا سيدي أنا الذي تسميني الناس الصامت لقلة كلامي دون إخوتي لأن أخي الكبير اسمه البقبوق والثاني الهدار والثالث بقبق والرابع اسمه الكوز الأصوني والخامس اسمعها العشار والسادس اسمه شقالق والسابع اسمه الصامت وهو أنا .
فلما زاد علي هذا المزين بالكلام رأيت أن مرارتي انفطرت ، وقلت للغلام : أعطه ربع دينار وخله ينصرف عني لوجه الله ، فلا حاجة إلى حلاقة رأسي .
فقال المزين حين سمع كلامي مع الغلام : يا مولاي ، ما أظنك تعرف بمنزلتي فإن يدي تقع رأس الملوك والأمراء والوزراء والحكماء والفضلاء ، وفي مثلي قال الشاعر :
جميع الصنائع مثل العقود ........ وهذا المزين در السلـوك
فيعلو على كل ذي حكـمة ........ وتحت يديه رؤوس الملوك
فقلت : دع ما لا يعنيك فقد ضيقت صدري وأشلت خاطري .
فقال : أظنك مستعجلاً ?
فقلت له : نعم .
فقال : تمهل على نفسك ، فإن العجلة من الشيطان وهي تورث الندامة والحرمان وقد قال عليه الصلاة والسلام : خير الأمور ما كان فيه تأن وأنا والله رأبني أمرك فأشتهي أن تعرفني ما الذي أنت مستعجل من أجله ولعله خير فإني أخشى أن يكون شيئاً غير ذلك وقد بقي من الوقت ثلاث ساعات .
ثم غضب ورمى الموس من يده وأخذ الاصطرلاب ومضى إلى الشمس ووقف حصة مديدة وعاد وقال :
قد بقي لوقت الصلاة ثلاث ساعات لا تزيد ولا تنقص .
فقلت له : بالله عليك ، اسكت عني فقد فتت كبدي .
فأخذ الموس وسنه كما فعل أولاً وحلق بعض رأسي وقال : أنا مهموم من عجلتك فلو أطلعتني على سببها لكان خيراً لك لأنك تعلم أن والدك ما كان يفعل شيئاً إلا بمشورتي .
فلما علمت أن مالي منه خلاص قلت في نفسي قد جاء وقت الصلاة وأريد أن أمضي قبل أن تخرج الناس من الصلاة فإن تأخرت ساعة لا أدري أين السبيل إلى الدخول إليها فقلت :
أوجز ودع عنك هذا الكلام والفضول فإني أريد أن أمضي إلى دعوة عند أصحابي .
فلما سمع ذكر الدعوة قال : يومك يوم مبارك علي لقد كنت البارحة حلفت علي جماعة من أصدقائي ونسيت أن أجهز لهم شيئاً يأكلونه وفي هذه الساعة تذكرت ذلك وافضيحتاه منهم .
فقلت له : لا تهتم بهذا الأمر بعد تعريفك أنني اليوم في دعوة فكل ما في داري من طعام وشراب لك إن أنجزت أمري ، وعجلت حلاقة رأسي .
فقال : جزاك الله خيراً صف لي ما عندك لأضيافي حتى أعرفه ?
فقلت : عندي خمسة أوان من الطعام وعشر دجاجات محمرات وخروف مشوي .
فقال : أحضرها لي حتى أنظرها .
فأحضرت له جميع ذلك فلما عاينه ، قال : بقي لله درك ما كرم نفسك لكن بقي الشراب .
فقلت له : عندي .
قال : أحضره .
فأحضرته له ، قال : لله درك ما أكرم نفسك لكن بقي البخور الطيب .
فأحضرت له درجاً فيه نداً وعوداً وعنبر ومسك يساوي خمسين ديناراً وكان الوقت قد ضاق حتى صار مثل صدري فقلت له :
خذ هذا واحلق لي جميع رأسي بحياة محمد .
فقال المزين : والله ما آخذه حتى أرى جميع ما فيه .
فأمرت الغلام ففتح له الدرج فرمى المزين الصطرلاب من يده وجلس على الأرض يقلب الطيب والبخور والعود الذي في الدرج حتى كادت روحي أن تفارق جسمي ثم تقدم وأخذ الموسى وحلق من رأسه شيئاً يسيراً وقال :
والله يا ولدي ما أدري كيف أشكرك وأشكر والدك لأن دعوتي اليوم كلها من بعض فضلك وإحسانك وليس عندي من يستحق ذلك وإنما عندي زيتون الحمامي وصليع الفسخاني وعوكل الفوال وعكرشة البقال ، وحميد الزبال وعكارش اللبان ، ولكل هؤلاء رقصة يرقصها .
فضحكت عن قلب مشحون بالغيظ وقلت له : أقض شغلي وأسير أنا في أمان الله تعالى وتمضي أنت إلى أصحابك فإنهم منتظرون قدومك .
فقال : ما طلبت إلا أن أعاشك بهؤلاء القوام فإنهم من أولاد الناس الذين ما فيهم فضولي ولو رأيتهم مرة واحدة لتركت جميع أصحابك .
فقلت : نعم الله سرورك بهم ولا بد أن أحضرهم عندي يوماً .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .



رد مع اقتباس
  #37  
قديم 10-04-2015, 07:15 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الخامسة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للمزين لا بد أن أحضر أصحابك عند يوماً فقال له :
إذا أردت ذلك وقدمت دعوى أصحابك في هذا اليوم فاصبر حتى أمضي بهذا الإكرام الذي أكرمتني به وأدعه عند أصحابي يأكلون ويشربون ولا ينتظرون ، ثم أعود إليك وأمضي معك إلى أصدقائك فليس بيني وبين أصدقائي حشمة تمنعني عن تركهم والعود إليك عاجلاً ، وأمضي معك أينما توجهت .
فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم امضي أنا إلى أصدقائي وأكون معهم في هذا اليوم فإنهم ينتظرون قدومي .
فقال المزين : لأدعك تمضي وحدك .
فقلت له : إن الموضع الذي أمضي إليه لا يقدر أحد أن يدخل فيه غيري .
فقال : أظنك اليوم في ميعاد واحد وإلا كنت تأخذني معك وأنا أحق من جميع الناس وأساعدك على ما تريد فإني أخاف أن تدخل على امرأة أجنبية فتروح روحك فإن هذه مدينة بغداد لا يقدم أحد أن يعمل فيها شيئاً من هذه الأشياء لا سيما في مثل هذا اليوم وهذا ولي بغداد صار عظيم .
فقلت : ويلك يا شيخ الشر أي شيء هذا الكلام الذي تقابلني به .
فسكت سكوتا طويلاً وأدركنا وقت الصلاة وجاء وقت الخطبة وقد فرغ من حلق رأسي .
فقلت له : أمضي إلى أصحابك بهذا الطعام والشراب وأنا أنتظرك حتى تمضي معي . ولم أزل أخادعه لعله يمضي ، فقال لي :
إنك تخادعني وتمضي وحدك وترمي نفسك في مصيبة لا خلاص لك منها ، فبالله لا تبرح حتى أعود إليك وأمضي معك حتى أعلم ما يتم من أمرك ، فقلت له : نعم لا تبطئ علي .
فأخذ ما عطيته من الطعام والشراب وغيره وأخرج من عندي فسلمه إلى الحمال ليوصله إلى منزله وأخفى نفسه في بعض الأزقة ثم قمت من ساعتي وقد أعلنوا على المنارات بسلام الجمعة فلبست ثيابي وخرجت وحدي وأتيت إلى الزقاق ووقعت على البيت الذي رأيت فيه تلك الصبية وإذا بالمزين خلفي ولا أعلم به فوجدت الباب مفتوحاً فدخلت وإذا بصاحب الدار عاد إلى منزله من الصلاة ودخل القاعة وغلق الباب ، فقلت من أين أعلم هذا الشيطان بي ? فاتفق في هذه الساعة ، لأمر يريده الله من هتك ستري أن صاحب الدار أذنبت جارية عنده فضربها فصاحت فدخل عنده عبد ليخلصها فضربه فصاح الآخر فاعتقد المزين أنه يضربني فصاح ومزق أثوابه وجثا التراب على رأسه وصار يصرخ ويستغيث والناس حوله وهو يقول :
قتل سيدي في بيت القاضي .
ثم مضى إلى داري وهو يصيح والناس خلفه وأعلم أهل بيتي وغلماني فما دريت إلا وهم قد أقبلوا يصيحون واسيداه كل هذا والمزين قدامهم وهو يمزق الثياب والناس معهم ولم يزالوا يصرخون وهو في أوائلهم يصرخ وهم يقولوا واقتيلاه وقد أقبلوا نحو الدار التي أنا فيها فلما سمع القاضي ذلك عظم عليه الأمر وقام وفتح الباب فرأى جمعاً عظيماً فبهت وقال :
يا قوم ما القصة ?
فقال له الغلمان : إنك قتلت سيدنا .
فقال : يا قوم وما الذي فعله سيدكم حتى أقتله .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 10-04-2015, 07:16 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة السادسة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن القاضي قال للغلمان :
وما الذي فعله سيدكم حتى أقتله وما لي أرى هذا المزين بين أيديكم .
فقال له المزين : أنت ضربته في هذه الساعة بالمقارع وأنا أسمع صياحه .
فقال القاضي : وما الذي فعله حتى أقتله ومن أدخله داري ومن أين جاء وإلى أين يقصد .
فقال له المزين : لا تكن شيخاً نحساً فأنا أعلم الحكاية وسبب دخوله دارك وحقيقة الأمر كله وبنتك تعشقه وهو يعشقها ، فعلمت أنه قد دخل دارك وأمرت غلمانك فضربوه والله ما بيننا وبينك إلا الخليفة أو تخرج لنا سيدنا ليأخذه أهله ولا تحوجني إلى أن أدخل وأخرجه من عندكم وعجل أنت بإخراجه .
فالتجم القاضي عن الكلام وصار في غاية الخجل من الناس وقال للمزين :
إن كنت صادقاً ، فادخل أنت وأخرجه .
فنهض المزين ودخل الدار ، فلما رأيت المزين أردت أن أهرب فلم أجد لي مهرباً غير أني رأيت في الطبقة التي أنا فيها صندوقاً فدخلت فيه ورددت الغطاء عليه وقطعت النفس ، فدخل بسرعة ولم يلتفت إلى غير الجهة التي أنا فيها بل قصد الموضع الذي أنا فيه والتفت يميناً وشمالاً فلم يجد إلا الصندوق الذي أنا فيه فحمله على رأسه . فلما رأيته فعل ذلك غاب رشدي ثم مر مسرعاً فلما علمت أنه ما يتركني فتحت الصندوق وخرجت منه بسرعة ورميت نفسي على الأرض فانكسرت رجلي ، فلما توجهت إلى الباب وجدت خلقاً كثيراً لم أر في عمري مثل هذا الازدحام الذي حصل في ذلك اليوم فجعلت أنثر الذهب على الناس ليشتغلوا به فاشتغل الناس به وصرت أجري في أزقة بغداد وهذا المزين خلفي وأي مكان دخلت فيه يدخل خلفي وهو يقول :
أرادوا أن يفجعوني في سيدي الحمد لله الذي نصرني عليهم ، وخلص سيدي من أيديهم فما زلت يا سيدي مولعاً بالعجلة لسوء تدبيرك حتى فعلت بنفسك هذه الأفعال فلولا من الله عليك بي ما كنت خلصت من هذه المصيبة التي وقعت فيها وربما كانوا يرمونك في مصيبة لا تخلص منها أبداً فاطلب من الله أن أعيش لك حتى أخلصك ، والله لقد أهلكتني بسوء تدبيرك وكنت تريد أن تروح وحدك ، ولكن لا نؤاخذك على جهلك لأنك قليل العقل عجول .
فقلت له : أما كفاك ما جرى منك حتى تجري ورائي في الأسواق .
وصرت أتمنى الموت لأجل خلاصي منه فلا أجد موتاً ينقذني منه ، فمن شدة الغيظ ، فررت ودخلت دكاناً في وسط السوق واستجرت بصاحبها فمنعه عني ، وجلست في مخزن وقلت في نفسي ما بقيت أقدر أن أفترق من هذا المزين ، بل يقيم عندي ليلاً ونهاراً ولم يبق في قدرة على النظر إلى وجهه ، فأرسلت في الوقت أحضر الشهود وكتبت وصية لأهلي وجعلت ناظراً عليهم وأمرته أن يبيع الدار والعقارات وأوصيته بالكبار والصغار ، وخرجت مسافراً من ذلك الوقت حتى أتخلص من ذلك القواد ثم جئت إلى بلادكم فسكنتها ولي فيها مدة فلما عزمت علي وجئت إليكم رأيت هذا القبيح القواد عندكم في صدر المكان فكيف يستريح قلبي ويطيب مقامي عندكم مع هذا وقد فعل معي هذه الفعال وانكسرت رجلي بسببه ثم أن الشاب امتنع من الجلوس .
فلما سمعنا حكايته مع المزين قلنا للمزين : أحق ما قاله هذا الشاب عنك ?
فقال : والله أنا فعلت ذلك بمعرفتي ولولا أني فعلت لهلك وما سبب نجاته إلا أنا ومن فضل الله عليه بسببي أنه أصاب برجله ولم يصب بروحه ولو كنت كثير الكلام ما فعلت معه ذلك الجميل وها أنا أقول لكم حديثاً جرى لي حتى تصدقوا أني قليل الكلام وما عندي فضول من دون إخوتي وذلك أني كنت ببغداد في أيام خلافة أمير المؤمنين المنتصر بالله ، وكان يحب الفقراء والمساكين ويجالس العلماء والصالحين ، فاتفق له يوماً أنه غضب على عشرة أشخاص فأمر المتولي ببغداد أن يأتيه بهم في زورق فنظرتهم أنا ، فقلت :
ما اجتمع هؤلاء إلا لعزومة وأظنهم يقطعون يومهم في هذا الزورق في أكل وشرب ولا يكون نديمهم غيري .
فقمت ونزلت معهم واختلطت بهم فقعدوا في الجانب الآخر فجاء لهم أعوان الوالي بالأغلال ووضعوها في رقابهم وضعوا في رقبتي غلال من جملتهم فهذا يا جماعة ما هو من مروءتي وقلة كلامي لأني ما رضيت أن أتكلم فأخذونا جميعاً في الأغلال وقدمونا بين يدي المنتصر بالله أمير المؤمنين فأمر بضر رقاب العشرة فضرب السياف رقاب العشرة .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 10-04-2015, 07:17 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة السابعة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن المزين قال :
لما السياف ضرب رقاب العشرة وبقيت أنا فالتفت الخليفة فرآني فقال للسياف : ما بالك لا تضرب رقاب جميع العشرة ?
فقال : ضربت رقاب العشرة كلهم .
فقال له الخليفة : ما أظنك ضربت رقاب غير تسعة وهذا الذي بين يدي هو العاشر .
فقال السياف : وحق نعمتك أنهم عشرة .
عدوهم فإذا هم عشرة فنظر إلي الخليفة وقال :
ما حملك على سكوتك في هذا الوقت وكيف صرت مع أصحاب الدم ?
فلما سمعت خطاب أمير المؤمنين قلت له :
اعلم يا أمير المؤمنين أني أنا الشيخ الصامت وعندي من الحكمة شيء أكثر وأما رزانة عقلي وجودة فهمي وقلة كلامي فإنها لا نهاية لها وصنعتي الزيانة فلما كان أمس بكرة النهار ، نظرت هؤلاء العشرة قاصدين الزورق فاختلت بهم ونزلت معهم وظننت أنهم في عزومة فما كان غير ساعة وإذا هم أصحاب جرائم فحضرت إليهم الأعوان ووضعوا في رقابهم الأغلال ووضعوا في رقبتي غلاً من جملتهم ، فمن فرط مروءتي سكت ولم أتكلم بين يديك فأمرت بضرب رقاب العشرة وبقيت أنا بين يدي السياف ولم أعرفكم بنفسي ، أما هذه مروءة عظيمة وقد أحوجتني إلى أن أشاركهم في القتل لكن طول دهري هكذا أفعل الجميل .
فلما سمع الخليفة كلامي وعلم أني كثيرة المروءة قليل الكلام ما عندي فضول كما يزعم هذا الشاب الذي خلصته من الأهوال قال الخليفة :
وأخوتك الستة مثلك فيهم الحكمة والعلم وقلة الكلام ؟
قلت : لا عاشوا ولا بقوا إن كانوا مثلي ولكن ذممتني يا أمير المؤمنين ولا ينبغي لك أن تقرن أخوتي بي لأنهم من كثرة كلامهم وقلة مروءتهم كل واحد منهم بعاهة ففيهم واحد أعرج وواحد أعور واحد أفكح وواحد أعمى وواحد مقطوع الأذنين والأنف وواحد مقطوع الشفتين وواحد أحول العينين ، ولا تحسب يا أمير المؤمنين أني كثير الكلام ولا بد أن أبين لك أني أعظم مروءة منهم ولكل واحد منهم حكاية اتفقت له حتى صار فيه عاهة ، وإن شئت أن أحكي لك فاعلم يا أمير المؤمنين أن الأول وهو الأعرج كان صنعته الخياطة ببغداد ، فكان يخيط في دكان استأجرها من رجل كثير المال وكان ذلك الرجل ساكناً في الدكان وكان في أسفل دار الرجل طاحون ، فبينما أخي الأعرج جالس في الدكان ذات يوم إذ رفع رأسه فرأى امرأة كالبدر الطالع في روشن الدار وهي تنظر الناس فلما رآها أخي تعلق قلبه بحبها وصار يومه ذلك ينظر إلهيا وترك اشتغاله بالخياطة إلى وقت المساء ، فلما كان وقت الصباح فتح دكانه وقعد يخيط وهو كلما غرز غرزة ينظر إلى الروشن فمكث على ذلك مدة لم يخيط شيئاً يساوي درهماً ، فاتفق أن صاحب الدار جاء إلى أخي يوماً من الأيام ومعه قماش وقال له :
فصل لي هذا وخيطه أقمصة .
فقال أخي : سمعاً وطاعة .
ولم يزل يفصل حتى فصل عشرين قميصاً إلى وقت العشاء وهو لم يذق طعاماً ، ثم قال له :
كم أجرة ذلك ?
فلم يتكلم أخي فأشارت إليه الصبية بعينها أن لا يأخذ منه شيئاً وكان محتاجاً إلى الفلس واستمر ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلا القليل بسبب اجتهاده في تلك الخياطة ، فلما فرغ من الخياطة التي لهم أتى إليهم بالأقمصة وكانت الصبية قد عرفت زوجها بحال أخي وأخي لا يعلم ذلك واتفقت هي وزوجها على استعمال أخي في الخياطة بلا أجرة بل يضحكون عليه فلما فرغ أخي من جميع أشغالهما عملا عليه حيلة وزوجاه بجاريتهما وليلة أراد أن يدخل عليها قالا له :
أبت الليلة في الطاحون وإلى الغد يكون خيراً .
فاعتقد أخي أن لهما قصداً بريئاً فبات في الطاحون وحده وراح زوج الصبية يغمز الطحان عليه ليدوره في الطاحون فدخل عليه الطحان في نصف الليل وجعل يقول :
أن هذا الثور بطال مع أن القمح كثير وأصحاب الطحين يطلبونه فأنا أعلقه في الطاحون حتى يخلص طحين القمح ، فعلقه في الطاحون إلى قرب الصبح .
فجاء صاحب الدار ، فرأى أخي معلقاً في الطاحون والطحان يضربه بالسوط فتركه ومضى وبعد ذلك جاءت الجارية التي عقد عليها وكان مجيئها في بكرة النهار فحلته من الطاحون وقالت :
قد شق علي وعلى سيدتي ما جرى لك وقد حملنا همك .
فلم يكن له لسان يرد جواباً من شدة الضرب ، ثم أن أخي رجع إلى منزله وإذا بالشيخ الذي كتب الكتاب قد جاء وسلم عليه وقال له :
حياك الله زواجك مبارك أنت بت الليلة في النعيم والدلال والعناق من العشاء إلى الصباح .
فقال له أخي : لا سلم الله الكاذب يا ألف قواد ، والله ما جئت إلا لأطحن في موضع الثور إلى الصباح .
فقال له : حدثني بحديثك .
فحدثه أخي بما وقع له فقال له : ما وافق نجمك نجمها ولكن إذا شئت أن أغير لك عقد العقد أغيره لك بأحسن منه لأجل أن يوافق نجمك نجمها .
فقال له : انظر إن بقي لك حيلة أخرى .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 10-04-2015, 07:18 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي الليلة الثامنة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأعرج لما قال للشيخ :
انظر إن بقي لك حيلة أخرى .
فتركه وأتى إلى دكانه ينتظر أحداً يأتي إليه بشغل يتقوت من أجرته وإذا هو بالجارية قد أتت إليه وكانت اتفقت مع سيدتها على تلك الحيلة فقالت له :
إن سيدتي مشتاقة إليك وقد طلعت السطح لترى وجهك من الروشن .
فلم يشعر أخي إلا وهي قد طلعت له من الروشن وصارت تبكي وتقول :
لأي شيء قطعت المعاملة بيننا وبينك ؟
فلم يرد عليها جواباً فحلفت له أن جميع ما وقع له في الطاحون لم يكن باختيارها فلما نظر أخي إلى حسنها وجمالها ذهب عنه ما حصل له وقبل عذرها وفرح برؤيتها ، ثم سلم عليها وتحدث معها وجلس في خياطتها مدة وبعد ذلك ذهبت إليه الجارية وقالت له :
تسلم عليك سيدتي وتقول لك : إن زوجها قد عزم على أن يبيت عند بعض أصدقائه في هذه الليلة ، فإذا مضى عندهم تكون أنت عندنا وتبيت مع سيدتي في ألذ عيش إلى الصباح .
وكان زوجها قد قال لها ما يكون العمل في مجيئه عندك حتى آخذه وأجره إلى الوالي فقالت :
دعني أحتال عليه بحيلة وأفضحه فضيحة يشتهر بها في هذه المدينة .
وأخي لا يعلم شيئاً من كيد النساء ، فلما اقبل المساء جاءت الجارية إلى أخي وأخذته ورجعت به إلى سيدتها فقالت له :
والله يا سيدي إني مشتاقة إليك كثيراً .
فقال : بالله عليك عجل بقبلة قبل كل شيء ...
فلم يتم كلامه إلا وقد حضر زوج الصبية من بيت جاره فقبض على أخي وقال له :
لا أفارقك إلا عند صاحب الشرطة .
فتضرع إليه أخي فلم يسمعه بل حمله إلى دار الوالي فضربه بالسياط وأركبه جملاً ودوره في شوارع المدينة والناس ينادون عليه هذا جزاء من يهيم على حرائم الناس ووقع من فوق الجمل فانكسرت رجله فصار أعرج ثم نفاه الوالي من المدينة فخرج لا يدري أين يقصد فاغتظت أنا فلحقته وأتيت به والتزمت بأكله وشربه إلى الآن .
فضحك الخليفة من كلامي وقال : أحسنت .
فقلت : لا أقبل هذا التعظيم منك دون أن تصغي علي حتى أحكي لك ما وقع لبقية أخوتي ولا تحسب أني كثير الكلام .
فقال الخليفة : حدثني بما وقع لجميع أخوتك وشنف مسامعي بهذه الرقائق واسلك سبيل الأطناب في ذكر هذه اللطائف .
فقلت : اعلم يا أمير المؤمنين أن أخي الثاني كان اسمه بقبق وقد وقع له أنه كان ماشياً يوماً من الأيام متوجهاً إلى حاجة له وإذا بعجوز قد استقبلته وقالت له :
أيها الرجل قف قليلاً حتى أعرض عليك أمراً فإن أعجبك فاقضه لي .
فوقف أخي فقالت له : أدلك على شيء وأرشدك إليه بشرط أن لا يكون كلامك كثيراً .
فقال لها أخي : هات كلامك .
قالت : ما قولك في دار حسنة وماؤها يجري وفاكهة مدام ووجه مليح تشاهده وخد أسيل تقبله وقد رشيق تعانقه ولم تزل كذلك من العشاء إلى الصباح ، فإن فعلت ما أشترط عليك رأيت الخير .
فلما سمع أخي كلامها قال لها : يا سيدتي وكيف قصدتيني بهذا الأمر من دون الخلق أجمعين فأي شيء أعجبك مني ?
فقالت لأخي : أما قلت لك لا تكن كثير الكلام واسكت وامض معي .
ثم ولت العجوز وسار أخي تابعاً لها طمعاً فيما وصفته له حتى دخلا داراً فسيحة وصعدت به من أدنى إلى أعلى فرأى قصراً ظريفاً فنظر أخي فرأى فيه أربع بنات ما رأى الراؤون أحسن منهن وهن يغنين بأصوات تطرب الحجر الأصم ، ثم إن بنتاً منهن شربت قدحاً فقال لها أخي :
بالصحة والعافية .
وقام ليخدمها فمنعته من الخدمة ثم سقته قدحاً وصفعته على رقبته ، فلما رأى أخي ذلك خرج مغضباً ومكثراً الكلام فتبعته العجوز وجعلت تغمزه بعينها ارجع فرجع وجلس ولم ينطق فأعادت الصفعة على قفاه إلى أن أغمي عليه ثم قام أخي لقضاء حاجته فلحقته العجوز وقالت له :
اصبر قليلاً حتى تبلغ ما تريد .
فقال لها أخي : إلى كم أصبر قليلاً ?
فقالت العجوز : إذا سكرت بلغت مرادك .
فرجع أخي إلى مكانه فقامت البنات كلهن وأمرتهن العجوز أن يجردنه من ثيابه وأن يرششن على وجهه ماء ورد ، ففعلن ذلك فقالت الصبية البارعة الجمال منهن :
أعزك الله قد دخلت منزلي فإن صبرت على شرطي بلغت مرادك .
فقال لها أخي : يا سيدتي أنا عبدك وفي قبضة يدك .
فقالت له : اعلم أن الله قد شغفني بحب المطرب فمن أطاعني نال ما يريد .
ثم أمرت الجواري أن يغنين فغنين حتى طرب المجلس ، ثم قالت الجارية :
خذي سيدك واقض حاجته وائتيني به في الحال .
فأخذت الجارية أخي ولا يدري ما تصنع به فلحقته العجوز وقالت له :
اصبر ما بقي إلا القليل .
فأقبل أخي على الصبية والعجوز تقول : اصبر فقد بلغت ما تريد وإنما بقي شيء واحد وهو أن تحلق ذقنك .
فقال لها أخي : وكيف أعمل في فضيحتي بين الناس ?
فقالت له العجوز : إنها ما أرادت أن تفعل بك ذلك إلا لأجل أن تصير أمرد بلا ذقن ولا يبقى في وجهك شيء يشكها فإنها صار في قلبها لك محبة عظيمة فاصبر فقد بلغت المنى .
فصبر أخي وطاوع الجارية وحلق ذقنه وجاءت به إلى الصبية وإذا هو محلوق الحاجبين والشاربين والذقن فقام ورقص فلم تدع في البيت مخدة حتى ضربته بها وكذلك جميع الجواري صرن يضربنه بمثل نارنجة وليمونة وأترجة إلى أن سقط مغشياً عليه من الضرب ولم يزل الصفع على قفاه والرجم في وجهه إلى أن قالت له العجوز :
الآن بلغت مرادك واعلم أنه ما بقي عليك من الضرب شيء وما بقي إلا شيء واحد وذلك أن من عادتها أنها إذا سكرت لا تمكن أحداً من نفسها حتى تقلع ثيابها وسراويلها وتبقى عارية من جميع ما عليها من ثيابها وأنت الآخر تقلع ثيابك وتجري ورائها وهي تجري قدامك كأنها هاربة منك ، ولم تزل تابعها من مكان إلى مكان حتى تمكنك من نفسها .
ثم قالت له : قم اقلع ثيابك فقام وهو غائب عن الوجود وقلع ثيابه جميعاً .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:35 AM.