أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .

 

 



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-18-2015, 08:01 PM
اميرة عبد الدايم اميرة عبد الدايم غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 18,882
افتراضي سُنَن فيما يراه النائم

ما يراه النائم لا يخلو من ثلاثة أحوال جاءت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم:
1- رؤيا صالحة، وهي بشرى من الله عز وجل، ولها آداب ستأتي.
2- رؤيا تَحزين، وهي من الشيطان، ولن تضر العبد إذا امتثل آدابها وستأتي.
3- أن يرى ما حدَّث به نفسه قبل نومه، فليست بشيء.

وكثيراً ما يرى النائم في منامه أشياء تجعله يقوم إمَّا أن يظل يومه مسروراً، أو يظل مهموماً قلقاً، وفي سُنَّة النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ما يجعل العبد دائماً مطمئناً على أيَّة حال، وأي مرأى رآه، ولكنها الغفلة عن سُنَّة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فتجد كثيراً ممّن يرى ما يكره يقلق، ويبذل قصارى جهده للوصول إلى معبِّرٍ يُعَبِّر له ما رآه - في زمن كثر فيه المعبِّرون على خلاف عصور السلف الفاضلة -، وربما وجدت ذلك الرائي يصل به الحد؛ لأن يسأل عن تفاصـيل، وربما ترجَّى من يعبِّر له بأن يطمئنه، مع جزمه بصواب ما قد يُعبَّر له إلى غير ذلك من المحاذير في هذا الأمر - وليس هذا موطن ذكرها، وقد ذكرت شيئاً منها في رسالةٍ أسميتها (يا صاحب الرؤيا تمهل) -، ومن عرف سُنَّة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك لم يصبه ذلك الهلع، والخوف؛ لإيقانه بفضائل هدي خير المرسلين صلى الله عليه وسلم.

فمن السُّنَن في هذا الباب، ما جاء في هذه الأحاديث:
عن أبي سلمة رضي الله عنه قال: إِنْ كُنْتُ لأَرَى الرؤْيَا تُمْرِضُنِي، قَالَ فَلَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ، فَقَالَ: وَأَنَا كُنْتُ لأَرَى الرُّؤيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفِلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثاً، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللّهِ مِنْ شـر الشـيطَانِ وَشـرهَا، وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَداً فَإِنَّهَا لَنْ تَضـرهُ".

وقال أبو سَلَمة: "وَإِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ الْجَبَلِ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا"[1].

وفي رواية: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلُمُ مِنْ الشيطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شرهَا فَإِنَّهَا لَا تَضرهُ"[2].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثاً، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ. وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشـرى مِنَ اللّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشيطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ"[3].

وفي حديث جَابِرٍ رضي الله عنه عند مسلم، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "و َلْيَسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشيطَانِ ثَلاَثاً، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ"[4].

وفي حديث أَبي سعيد الخُدريِّ رضي الله عنه عند البخاري: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا"[5].

وتحصَّل من الأحاديث السابقة:
1) أنَّ من رأى رؤيا حسنة، فإنه يُسَنُّ له أن يفعل ما يلي:
أولاً: أن يحمد الله عليها؛ لأنها منه – سبحانه -.
ثانياً: أن يخبر بها، ولا يخبر بها إلا من يحب.

2) وأنَّ من رأى رؤيا يكرهها، فإنه يُسَنُّ له أن يفعل ما يلي:
أولاً: يتفل، أو ينفث عن يساره ثلاثاً.
ثانياً: أن يستعيذ بالله تعالى من الشـيطان، ومن شـر ما رأى ثلاثاً، بأن يقول: "أعوذ بالله من الشيطان ومن شـرها" (ثلاث مرات).
ثالثاً: ألا يخبر بها أحداً، فإن فعل ذلك، فإنها لا تضره كما أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وإن زاد على ذلك بأن:
رابعاً: يتحوَّل عن جنبه الذي نام عليه، فإن كان مستلقياً على ظهره فلينم على جنبه، وهكذا.
خامساً: أن يقوم فيصلِّي ركعتين.

وتأمَّل قول أبي قتادة، ومثله أبو سلمة رضي الله عنه وكيف أنهما يريان الرؤيا تحزنهما بل تمرضهما، ولمَّا طبَّقا هدي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك، قال أبو سلمة رضي الله عنه: "وَإِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ الْجَبَلِ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا"، فحرِّي بمن يهتم، ويصيبه القلق حينما يرى ما يَكْرَه، أن يُطبِّق هذا الهدي النَّبوي الذي فيه بشارة: "فَإِنَّهَا لَا تَضره".

قال النَّووي رحمه الله: "وإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها -بإذن الله تعالى- كما صرحت به الأحاديث، قال القاضي: وأمر بالنفث ثلاثاً؛ طرداً للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة تحقيراً له واستقذاراً، وخُصَّت به اليسار؛ لأنها محل الأقذار، والمكروهات، ونحوها، واليمين ضدها"[6].

ويُستفاد من الأحاديث السابقة: أنَّ رؤيا المسلم جزء من النبوة، وأنَّ أصدق الناس رؤيا، أصدقهم حديثاً في اليقظة، وهذا من تأثير الصدق، وبركته على المسلم حتى حال النَّوم.

قال ابن حجر رحمه الله: "قال القرطبي: "وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً"، وإنما كان كذلك؛ لأن من كثر صدقه تنور قلبه، وقوي إدراكه، فانتقشت فيه المعاني على وجه الصِّحة، وكذلك من كان غالب حاله الصدق في يقظته استصحب ذلك في نومه فلا يرى إلا صدقاً، وهذا بخلاف الكاذب والمخلِّط، فإنه يفسد قلبه، ويظلم فلا يرى إلا تخليطاً وأضغاثاً، وقد يندر المنام أحياناً فيرى الصادق ما لا يصح، ويرى الكاذب ما يصح، ولكن الأغلب والأكثر ما تقدم - والله أعلم-، قال ابن حجر رحمه الله: وهذا يؤيِّد ما تقدَّم أنَّ الرؤيا لا تكون إلا من أجزاء النبوة إن صدرت من مسلم صادق صالح"[7].

مستلة من كتاب: المنح العلية في بيان السنن اليومية

[1] رواه البخاري برقم (5747)، ومسلم برقم (2261).

[2] رواه البخاري برقم (3292)، ومسلم برقم (2261).

[3] رواه مسلم برقم (2263).

[4] رواه مسلم برقم (2262).

[5] رواه البخاري برقم (7045).

[6] شـرح النووي لمسلم، حديث (2261)، كتاب الرؤيا.

[7] الفتح، حديث (7017)، باب: القَيد في المنام.


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:34 AM.