أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .

 

 



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2016, 07:55 AM
فارس فارس غير متواجد حالياً
خبير
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 37,047
افتراضي سـر الشامـة ؟؟

كانت المنية قد اقتربت منه ، فقد كان يتلوى على فراش الموت في انتظارها وفي تكل اللحظات الأخيرة قرر الرجل البنغالي الجنسية الاعـتـراف بـسـر حياته ، السر أخفاه في صدره سنوات طويلة ، السر الذي أتعبه إخفاؤه كثيراً وآلمه الاحـتـفـاظ بـه وحـده طـوال تـلـك الـسـنـيــن .

استدعى الرجل صديقه الذي كان يقيم معه ، وبدأ محاولات الحديث معه ، فبدأه لكنه لم ينه قبل انتهاء حياته ، ومات الرجل ومات معه سر علم الله وحده ما أثر ظهوره انتهائه ، كان للرجل البنغالي ولد وحيد ، وكان يعيش مع ابنه وصديقه في شقه هم الثلاثة ، صديقة أعزب بينما الرجل نفسه كانت له زوجة توفيت منذ زمان بعيد ، فبقى وحده مع ابنه ولم يتزوج ، حتى وافته المنية .

تولى صديق الرجل المتوفى أمر ولاية الولد ، وكان له من العمر وقتها يقارب أحد عشر عاما ، اعتنى به حيداً كما لو كان والده ، واصل تعليمه فن البيع والشراء كما لو كان يفعل أبوه ، كان الولد من صغره يعمل مع والده في بيع الأقمشة والسجاد ، هناك قرب بيت الله في مكة ، يستأنس بالحجاج والزوار ويسعد بخدمتهم وبخدمة الحرم الشريف تلك الحياة في مكة علمته اللغة العربية بشكل مقبول ، غير أن والده وصديق والده كانا يجيدانها ، وذلك بحكم المعيشة والشغل الذي يشتغلانه ، مضت بذلك السنوات وبلغ الولد ما يقارب أربعة عشر عاما وجاء هذا اليوم وبينما كان الصبي منشغلاً في بيع القماش وترتيبه ، اقتربت امرأة معتدلة السن وبدأت تتفقد القماش ، فبادر الصبي بسؤالها : كيف أخدمك سيدتي ؟ فأجابت المرأة وهي تنظر إليه : أبدا أنني فقط ابحث عن أشياء معقولة المظهر والسعر اشتريها هدايا لأهلي ، فأجاب الصبي : سأريك يا سيدتي ما هو حديث الوصول وحسن المظهر وجيد السعر ، وبدأ الصبي بعرض أنواع القماش الذي عنده ، يصفها بلغته العربية المتكسرة ، ويتهـذب فـي الـحـديث كبائع خبير ، بينما قضت المرأة تلم الفترة في تأمل فـي شـكـل الصبي الـذي يبد غريباً ، وبعدما انتهى الصبي من وصف أنواع القماش الذي عنده سأل السيدة : ماذا قررت الآن سيدتي ، أي نوع تريدين أن تشتري ؟ وبذلك اقتطع حبل أفكار السيدة ، التي كما بدا للصبي لم تكن تسمع أي شيء من الذي قاله ،،، فبادر الصبي مجدداً بالسؤال : سيدتي ، هل أنت بخير ؟ فأجابت السيدة : نعم فقال الصبي : إذن هلا اخبريني أي نوع تريدين ؟ فقالت السيدة وملامح غريبة ترتسم على وجهها : من أي البلاد أنت ؟ فأجابها الصبي : أنا بنغالي الجنسية ، ولكن لماذا

تسألين ؟ فقالت السيدة : اخـبـرني أولاً منذ متى وأـنت تـسـكـن مكة ؟ فقال الـصـبـي : مـنـذ أن بـدأت الحيـاة وأنـا أعـيـش هـنا ، لـكـن هـل ،

هناك شيء تريدين معرفته ؟ فقالت المرأة يستحيل أن تكون ولدت في مكة بل يستحيل أن تكون بنغالي الجنسية ، استنكر الصبي حديث المرأة حيث بدت غريبة الأطوار ، كما استغرب نظراتها ، فقال لها الصبي : ولماذا يستحيل ذلك ؟ فأجابت السيدة : أين والدك وأهلك ؟ فأجاب الصبي : لم أعرف من أهلي غير والدي ، وهو قد توفى منذ سنوات عدة وأنا أقيم مع صديقة الذي تولى رعايتي : فقالت المرأة راسمة ابتسامة خفيفة على وجهها : ذلك غير صحيح فوالدك حي يرزق وهو ليس بنغالي وأنت لست كذلك أيضاً ، وأنا من أهلك ألا تذكرني ؟ استغرب الصبي حديث المرأة وحسبها مجنونة ، فنسي أمر بيعها القماش واستدار عنها طالباً منها تركه وشأنه ، لكن السيدة أبت ذلك وواصلت حديثها الغريب : ألا تصدقني ؟ أنا أقول لك الحقيقة ، فـأنـا عمتك ألا تذكرني ؟ لم يعر الصبي السيدة أي اهتمام وواصل عـمـلـه عـنـدمـا اقـتـرب مـنـه بـعـض الـزبــائــن .

غادرت السيدة بعدما شعرت بأن الصبي ر يصدقها لكنها عادت في اليوم التالي مع رجل ، وتوجه الاثنان حيث الـصـبـي الـذي اسـتـاء من عودة المرأة ، لاعتقاده بجنونها أو رغبتها في الاستهزاء به ، لكن الرجل كان موقفه مختلفاً فهو ما أن رأى الصبي حتى احتضنه وبدأ بتقبيله والـبـكـاء بصوت مسموع ، بينما الصبي هادئ يجهل ما يدور حوله ، فسأله الرجل : مـا أسـم والـدك ؟ فأجاب الصبي بأسمه فقال الرجل : إذن انه هو ، ومع من تقيم ؟ فقال الصبي وقـد أصابه بعض التـوتـر : صديق والـدي ، فقال الرجـل خذني إليه .


اتجه الثلاثة إلى الرجل البنغالي الذي يعيش مع الصبي ، وسأله الرجل على انفراد : أخبرني الحقيقة أنت تعلم أكيد ماضي أبن صديقك ، اخبرني هل هو فعلاً ابن صديقك البنغالي ؟ وقل الحقيقة وإلا فأنك ستتعرض للمحاكمة طالما صديقك متوفى ، وستصبح متهماً في قضية الاختطاف ، ومع كثير من التردد و التوتر أجاب البنغالي قائلاً : ليس لي علم بأي شيء سوى ما قاله لي صديقي قبل وفاته فهو ذكر فقط بأن حبه الذي تولد مع السنين تجاه الصبي جعله يفكر بضمان مستقبله قبل أن يموت ، فقد ذكر أنه قد سرق الطفل من مزرعة كان يعمل فيها حتى يصبح له الولد عوناً وسنداً في وحدته ، لكنه لم يتمكن من أخباري باقي القصة ولم يخبرني من هم أهل الولد الحقيقيون ، إذ وافته المنية قبل أن يتمكن من الحديث ، لذا لم أفتح ذلك الموضوع بعد ذلك مع الصبي لأنه لن يفيده في أي شيء غير الحسرة و الألم ، كان ذلك الرجل هو والد الصبي ، البنغالي الذي لم يكن بنغالياً في الأصل فقد سرقه خادم المزرعة التي كان يملكها الرجل ولم يكن عمر الولد وقتها يزيد على خمس سنوات ، لذا لم يتمكن من تذكر ماضيه ، فقد سرقه البنغالي وسافر به إلى مكة ليعمل في التجارة معه ، حيث لم يكن قادراً على إنجاب الأولاد وهـو راغـب فـي ذلـك وتـمـكـن بـطـريـقـة مـعـيـنـــة ، مـن إعـطـاء الـصـبـي الـجـنـسـيـة الـبـنـغـالـيـة وأسـمـه .

عرف الصبي حقيقة أصله ، ومع أن ذلك كان في صالحه ، إلا استيعاب ذلك لم يكن سهلاً ، سافر الرجل وأخته وأبنه البنغالي إلى بلادهم وهناك استقبلت الأم الولد مع شكله غير المقبول ولهجته المتعثرة وهيئته الفقيرة ، استقبلته في أحضانها وبكت بكاء سنوات طويلة من الحرمان ، لكنها قبل أن تشرع في ذلك كله كانت خائفة تقف بعيداً ، تخشى أن تصدق وتسعد وتحرم من تلك السعادة كما حرمت منها قبلا وطلبت من زوجها أن يخلع قميص الصبي ، لترى تلك الشامة التي ولدته بها على ظهره ليطمئن قلبها ، ففعل الزوج وتأكد من وجودها ، وكانت الـفـرحـة عظيمة بعـد ذلك وبعـد سنوات من ألـم الفـراق وأمل اللقاء .

ولا زالت العائلة في إجراءات إعادة أسم الولد وجنسيته الحقيقية ، وتحيا لحظات من السعادة لا يـدركـهــا إلا مـــن يـحـيـا لـه مـيــــت .
__________________
FARES
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.