أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .
#1
|
|||
|
|||
إنظار المعسر
إنظار المعسر ندب الإسلام أتباعه إلى عدم شغل ذمتهم بالديون والقروض ،لأن الدين هم بالليل ومذلة بالنهار ، فيبقى المسلم منغمسا في الدنيا مهموما مكروبا كاسف البال ،وربما يموت فيبقى دينه معلقا به ولذلك يرى كثير من أهل العلم أن المسلم لا ينبغي أن يقترض إلا في حالات الضرورة،أو الحاجة ، لا مجرد توسع في الكماليات. والضرورة هي الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها ، بحيث إذا فقدها الشخص أصبح معرضا للهلاك كالقوت والملبس والعلاج الذي لا بد منه. والحاجة هي التي يصيب الإنسان الحرج بفقدها وتكون حياة الإنسان بدونها شديدة. والإسلام يأمر أتباعه بالاعتدال في حياته والاقتصاد في المعيشة: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف:31 (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) سورة الإسراء:26-27. ومن شأن هذا التوسط والاعتدال ألا يحوج المسلم إلى الاستدانة، وخصوصا أن النبي صلى الله عليه وسلم كرهها للمسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه ويقول: "اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال". وكان يقول في صلاته كثيرا: "اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم (الدين) فقيل له: إنك تستعيذ من المغرم كثيرا يا رسول الله؟ فقال: إن الرجل إذا غرم (استدان) حدث فكذب ووعد فأخلف". فبين ما في الاستدانة من خطر على الأخلاق نفسها. وكان لا يصلي على الميت إذا عرف أنه مات وعليه ديون لم يترك وفاءها، تخويفا للناس من هذه العاقبة، حتى أفاء الله عليه من الغنائم والأنفال، فكان يقوم هو بسدادها. وقال: "يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين". وفي ضوء هذه التوجيهات لا يلجأ المسلم إلى الدين إلا للحاجة الشديدة، وهو حين يلجأ إليه لا تفارقه نية الوفاء أبدا. وفي الحديث: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله". فإذا اقترض المسلم من أخيه مالا وعجز عن الوفاء فإن الإسلام يعلمنا كيف نكون رحماء بيننا بإمهال المعسر وإعطائه الفرصة للسداد ،وحرم أخذ الفائدة الربوية أبدا على المسلم ،أو أن يخفف عنه الدين ليستطيع السداد ، أو أن يعفو عنه فيجعله صدقة بل عند بعض الفقهاء له أن يحسبه من الزكاة المفروضة طالما أن المعسر من مستحقيها . في مجتمع الاستغلال : الربا ، وفي مجتمع الإحسان : القرض الحسن ، من يريد الدنيا يرابي ، و من يريد الآخرة يقرض القرض الحسن . وقد جاءت أحاديث كثيرة تبين فضل إنظار المعسر ،والتخفيف عنه منها : أولا ظل عرش الله كما في الحديث (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ) رواه مسلم وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ أَوْ مَحَا عَنْهُ كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه مسلم لأن الإعسار من أعظم كرب الدنيا، بل هو أعظمها، فجوزي من نفس عن أحد من المعسرين بتفريج أعظم كرب الآخرة وهو هول الموقف وشدائده بأن يستظل بظل عرش الله ثانيا: نجاة منظر المعسرين من كرب يوم القيامة كما في الحديث(مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ) رواه مسلم ثالثا : السلامة من فيح جهنم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) رواه أحمد رابعا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالرحمة عن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله قَالَ: (رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى(أخذ الدين الذي له) رواه البخاري الحضُ على السماحة وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة والدقة في البيع، وذلك سبب لوجود البركة فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحض أمته إلا على ما فيه النفع لهم في الدنيا والآخرة، فأما فضل ذلك في الآخرة فقد دعا صلى الله عليه وسلم بالرحمة لمن فعل ذلك، فمن أحب أن تناله بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فليقتد بهذا الحديث ويعمل به. وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا اقتضى) حض على ترك التضييق على الناس عند طلب الحقوق وأخذ العفو منهم وفي رواية (وإذا قضى )أي الدين الذي عليه خامسا: إنظار المعسر بالمال المطالب به كالصدقة به عليه وأكثر فعن بريدة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْليهِ صَدَقَة) رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة سادسا: أن الجزاء من جنس العمل عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنهما عن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ) رواه أحمد ولا شك أن من الرحمة بالمعسر إنظاره وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيالله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِي اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ) رواه البخاري ومسلم وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لاَ قَالُوا: تَذَكَّرْ قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَجَوَّزُوا عَنْهُ) رواه البخاري ومسلم ورواه مسلم بلفظ: (أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟ ـ قَالَ: وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ـ قَالَ: يَا رَبِّ، آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي)
__________________
|
|
|