المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مختصر أحكام الطهارة


اميرة عبد الدايم
09-30-2015, 09:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا اللهم علماً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم آمين، ثم أما بعد؛
إن من أهم الأحكام الفقهية التي ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يحيط بها علماً أحكام الطهارة، فلأهميتها الكبيرة امتدح الله سبحانه وتعالى المتطهرين،
فقال سبحانه:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة:22).
وأثنى جل وعلا على أهل مسجد قباء فقال: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ (التوبة:108).
وكذلك إن ما يبين أهمية الطهارة وصف النبي لها بأنها نصف الإيمان، فعن أبي مالك الأشعري قال النبي : " الطهور شطر الإيمان " (رواه مسلم).
والعلم بأحكام الصلاة لا يقل أهمية عن العلم بأحكام الطهارة، فالصلاة ركن من أركان الإسلام، والخلل في أركانها يبطلها ويجعلها كأن لم تكن، فقد قال النبي للمسيء لصلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصل" (متفق عليه).
ولما كان لأحكام الطهارة والصلاة من الأهمية الكبيرة وجدت من الخير أن أعد هذه المادة الفقهية المختصرة في أحكام الطهارة والصلاة لتُلْقى في دورات فقهية على فتيان المساجد وطلبة مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وأسميت هذه المادة:
(مختصر البيان في طهارة وصلاة الفتيان)، سائلاً الله الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل هذا العمل المتواضع في ميزان حسناتنا وحسنات مشايخنا، وأن يكون علماً يُنتفع به بإذن الله تعالى.
وسنتولى شرح
مختصر أحكام الطهارة.

الباب الأول
مختصر أحكام الطهارة
الفصل الأول: تعريف الطهارة وأهميتها وحكمها:
أولاً: تعريف الطهارة:
1- الطهارة لغة: النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ، سواء كانت حسِّية كالبول والغائط، أم معنوية كالذنوب والمعاصي.


2- الطهارة شرعاً: ارتفاع الحدَث وزوال الخبث.
والحدث: هو شيء معنوي غير محسوس يقوم بالبدن تمتنع معه الصلاة ونحوها. والحدث نوعان:


1- الحدَث الأصغر: وهو ما يجب به الوضوء كخروج الرِّيح أو البول أو الغائط.


2- الحدَث الأكبر: وهو ما يجب به الغُسل كالجنابة.
أما الخبث: هو النجاسة المادية التي قد تصيب اللّباس أو البدن أو مكان الصلاة، كالبول أو الغائط أو دم الحيض وغير ذلك.
ثانياً: أهمية الطهارة:
تعد الطهارة من الأمور المهمة جداً لكل مسلم ومسلمة لأمور كثيرة، نذكر منها:
1- الطهارة شرط لصحة الصلاة وغيرها من العبادات كالطواف عند أكثر العلماء. عنْ أبي هريرة قال: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ : " لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ " (رواه البخاري).
2- التقصير في التطهر من النجاسات سبب من أسباب التعذيب في القبر: روى البخاري في صحيحه من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ…" . وفي رواية لمسلم: "لا يَسْتَنْزِهُ عَنْ الْبَوْلِ أَوْ مِنْ الْبَوْلِ". وفي رواية للنسائي: " لا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ ". قال الإمام النووي في شرحه صحيح مسلم: " وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يستتر من بوله) فروى ثلاث روايات: (يستتر) بتائين، و(يستنزه) بالزاي والهاء، و(يستبرئ) بالباء والهمزة، وكلها صحيحة، ومعناها: لا يتجنبه ويتحرز منه ".
3- إن الله سبحانه وتعالى امتدح المتطهرين، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة:22). وأثنى جل وعلا على أهل مسجد قباء فقال: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ (التوبة:108).
4- إن من أهم ما يبين أهمية الطهارة وصف النبي لها بأنها نصف الإيمان: فعن أبي مالك الأشعري قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الطهور شطر الإيمان " (رواه مسلم).
5- الطهارة موافقة للفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها، فالإنسان مجبول على حب النظافة والجمال، والنفور من القذارة والنجاسة، فديننا الإسلام هو دين الفطرة.
6- الطهارة والنظافة تحصِّن صاحبها من أمراض كثيرة، والقذارة والنجاسة سبب في حصول كثير من الأمراض.

ثالثاً: حكم الطهارة: الطهارة واجبة،
قال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (المدثر:4). وقال تعالى: ﴿أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ (البقرة: 125). وأما الطهارة من الحدث فتجب لاستباحة الصلاة، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُول: " لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ " (رواه مسلم).
الفصل الثاني: آداب قضاء الحاجة:
1- أن يقول عند دخول الخلاء: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث). وعند الخروج يسأل الله المغفرة فيقول: (غفرانك).
2- تقديم القدم اليسرى عند الدخول لمكان قضاء الحاجة، واليمنى عند الخروج.
3- أن يستتر عن أعين الناس عند قضاء الحاجة.
4- عدم ذكر الله تعالى باللِّسان عند قضاء الحاجة، ومِن ذلك ترديدُ الأذان، وتشميت العاطس، ورد السلام.
5- عدم إدخال ما فيه ذكر الله تعالى إلى الخلاء كخاتم أو كتاب أو غيره.
6- عدم الكلام أثناء قضاء الحاجة لغير ضرورة.
7- يحرُم استقبال القِبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الفضاء، ويجوز في البنيان، وهذا مذهب جمهور الفقهاء.
8- عدم استقبال الرِّيح بالبول، وذلك خشيةَ أن تردَّ عليه الريح بوله.
9- عدم البول في الماء الراكد كبرك السباحة.
10- عدم قضاء الحاجة في الطِّريق، وظلِّ النَّاس النَّافع ، وتحت الشَّجر المثمر، وغير ذلك من أماكن تجمُّع النَّاس، أو مواطن انتفاعهم
11- عدم البول في الشَّقِّ والجُحر ونحو ذلك.
12- عدم التغوُّط والتبوُّل في المستحَمِّ الذي ليس له منفذ.
13- عدم الاستنجاء باليمين، وعدم مس الذكر باليد اليمنى وهو يبول.
14- عدم إطالة المكث بمكان قضاء الحاجة.
15- الاعتناء بإزالة النجاسة بعد الفراغ من قضاء الحاجة.
16- أن يكون غسل النجاسة أو مسحها ثلاث مرات أو وتراً بعد الثلاث بحسب ما تدعو إليه حاجة التطهير.
الفصل الثالث: سنن الفطرة:
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب ".
ومعنى (الاستحداد): حلق شعر العانة (وهو الشعر الذي يكون على الفرج)، وسمي استحداداً لاستعمال الحديدة –الموس- في إزالته.
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ: " عشرٌ مِن الفِطرة: قصُّ الشَّارب، وإعفاء اللِّحية، والسِّواك، واستنشاق الماء، وقصُّ الأظفار، وغَسْل البَراجم، ونتْف الإِبْط، وحلْق العانة، وانتقاص الماء. قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلَّا أن تكون المضمضة ".
وننبه إلى الملاحظات التالية:
1- يسنُّ إزالة شَعر الإبْط بالنَّتْف، فإنْ أزاله بالحلق جاز، وكان مؤديًا لأصل السُّنة إلَّا أنَّ النَّتف أولى.
2- يكره ترْكُ شَعر العانة وكذا ترْكُ نَتْفِ الإبْط، وقصِّ الشَّارب، وتقليمِ الأظافر، أكثرَ من أربعين يوماً.
3- يقصد بــ " انتقاص الماء" في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: الاستنجاء، وهو إزالة ما يخرج من السبيلين والتطهر بعد قضاء الحاجة.
4- يقصد بــ "غسل البراجم" في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: غسل عقد الأصابع ومفاصلها.
الفصل الرابع: الوضوء وأحكامه:
أولاً: تعريف الوُضوء: الوضوء لغة: الوُضوء من الوَضاءة، وهي: الحُسن، والبَهجة، والنَّظافة.
والوُضوء بالضمِّ: فِعل الوُضوء، وبالفَتْح: الماء المُعَدُّ له.
والوُضوء اصطلاحًا: التعبُّد لله عزَّ وجلَّ بغَسل أعضاء مخصوصة، على صفةٍ مخصوصة.
ثانياً: فضائل الوضوء:
1- الوُضوء من الطهارة والطهارة شطر الإيمان.
2- الوُضوء مكفِّرٌ للذُّنوب.
3- الوُضوء يرفع درجات العبد.
4- الوُضوء علامة أهل الإيمان يوم القيامة.
5- الوُضوء من أسباب دخول الجنَّة والتحلِّي بحُليِّها.
ثالثاً: شروط صحة الوضوء:
1-الإسلام .2-العقل. 3-النية. 4- انقطاع ما يُنافي الوضوء من دَم حيضٍ أو نِفاس. 5- إزالة ما يَمنع وصول الماء إلى أعضاء الوُضوء. 6- دخول الوقت لمَن به حدثٌ دائم كمن به سلس ريح أو سلس بول أو المستحاضة .7- أن يكون الوضوء بماء طَهور.
رابعاً: فروض الوضوء:
1- غَسل الوجه، أما اللِّحية إن كانت خفيفة فإنَّه يجب غَسلُ ظاهرها وباطنها (ما تحتها)، وإن كانت كثيفةً، وجَب غسْل ظاهرها، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة.
2- غَسْل اليدين إلى المِرْفَقينِ. 3- مَسْح الرَّأس. 4- غَسْل الرِّجلين. 5- التَّرتيب. 6- الموالاة، والموالاة: هي غَسل الأعضاء على سبيل التعاقُب، بحيث لا يجفُّ العضو الأوَّل قبل الشُّروع في الثَّاني.
خامساً: سنن الوضوء:
-1التَّسمية. 2- السِّواك. 3- غَسل الكفَّين (اليدين إلى الرسغين) ثلاثًا. 4- المَضمَضة والاستنشاق والاستنثار في الوُضوء. 5- المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم. 6- إطالة الغُرَّة والتحجيل: والمقصود غَسل ما زاد عن الواجب في أعضاء الوضوء. 7- التخليل للحية وأصابع اليدين والقدمين. 8- مسح الأذنين. 8- التيامن (تقديم اليمنى على اليسرى). 9- الدلك. 10- التثليث (أي ثلاثاً) إلا في مسح الرأس والأذنين عند الجمهور.
11- الاقتصاد في استعمال الماء وعدم الإسراف.
الدعاء بعد الفراغ من الوضوء: عنْ عُمَر بْنِ الخَطَّابِ رضي اللَّه عَنْهُ عنِ النَّبِيِّ قَالَ: "ما مِنْكُمْ مِنْ أَحدٍ يتوضَّأُ فَيُبْلِغُ أَو فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: أَشْهدُ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريكَ لهُ، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ وَرسُولُه، إِلاَّ فُتِحَت لَهُ أَبْوابُ الجنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّها شاءَ " (رواه مسلم(. وزاد الترمذي: "اللَّهُمَّ اجْعلْني من التَّوَّابِينَ واجْعلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ" (صححه الألباني).
8- صلاة ركعتين بعد الوضوء (سنة الوضوء): عن عثمان بن عفان قالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه " (رواه البخاري).
سادساً: ما يباح في الوضوء:
1- الكلام أثناء الوضوء مباح لكن الأولى استحضار امتثال أمر الله تعالى عند الوضوء.
2- يُبَاح للمتوضِّئ الاستعانة بغيره في الوضوء.
3- يُباح تنشيف الأعضاء من بَلَل ماء الوضوء.
سابعاً: ما لا يشرع في الوضوء:
1- الدُّعاء عند كل عضو من أعضاء الوضوء:
وذلك لأنَّه لا أصل له.
2- مَسْح العُنق عند جمهور الفقهاء.
ثامناً: صفة الوضوء الكامل:
1- النية بحيث ينوي الوضوء بقلبه لرفع الحدث.
2- التسمية قبل البدء بالوضوء، فيقول: "بسم الله".
3- غسل اليدين إلى الرسغين ثلاث مرات.
4- المضمضة ثلاث مرات.
5- الاستنشاق باليمنى والاستنثار باليسرى ثلاث مرات. والاستنشاق يعني إدخال الماء إلى الأنف أما الاستنثار فهو إخراج الماء من الأنف.
ملاحظة: يجوز فصل المضمضة عن الاستنشاق أو وصلهما بحيث يأخذ الماء بيمينه فيجعله في فمه وأنفه –من غرفة واحدة- فيتمضمض ويستنشق ثلاث مرات.
6- غسل الوجه كله من منبت الشعر إلى أسفل الذقن ومن شحمة الأذن اليمنى إلى شحمة الأذن اليسرى ثلاث مرات مع تخليل اللحية.
7-غسل اليدين اليمنى ثم اليسرى إلى المرفقين مع تخليل أصابع اليدين بالتشبيك بينهما.
8- مسح الرأس مدبراً ومقبلاً مرة واحدة.
9- مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما مرة واحدة، فيدخل السبابتين في ثقبي الأذنين ويمسح بإبهاميه ظاهريهما، ويجوز أن يمسح الأذنين بماء جديد أو بماء مسح الرأس.
10- غسل القدمين إلى الكعبين –اليمنى ثم اليسرى- مع تخليل أصابع القدمين بإصبع الخنصر.
11- يقول بعد انتهاء الوضوء: " أَشْهدُ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريكَ لهُ، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ وَرسُولُه، اللَّهُمَّ اجْعلْني من التَّوَّابِينَ واجْعلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ".
تاسعاً: نواقض الوضوء:
1- كل ما يخرج من السبيلين من بول أو غائط أو ريح أو مذي أو ودي أو دم ونحوه. أما ما يخرج من غير السبيلين كالدَّم، والقَيء، لا ينقض الوضوءَ على قول الجمهور.
مسألة خروج الدم من البدن هل ينقض الوضوء؟
الراجح أن خروج الدم من البدن –أي من غير السبيلين- لا ينقض الوضوء، وإنما ينتقض الوضوء بالدم الخارج من السبيلين (القبل أو الدبر)، لكن الدم نجس في قول جماهير أهل العلم، فمن خرج منه دم قبل الصلاة وجبت عليه إزالته وتطهيره، أما إذا كان في الصلاة فإنه يكفيه مسحه إن كان قليلاً ويتم صلاته، ويجب الخروج من الصلاة وغسله إن كان كثيراً.
وللعلم نُفرق هنا بين المنيّ والمَذْي والوَدْي:
المني: هو ماء أبيض مائل للصفرة ثخين، يخرج دفقا عند اشتداد الشهوة، ويعقب خروجه فتور في الجسم، ورائحته تشبه طلع النخل أو رائحة العجين إذا كان رطباً، وإذا يبس يكون رائحته كرائحة بياض البيض الجاف، والمني يوجب الغسل.
المذي: ماء رقيق لزج شفاف لا لون له، يخرج عند الشهوة بدون تدفق، والمذي يوجب الوضوء.
الودي: ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول بلا شهوة، والودي حكمه حكم البول يوجب الوضوء.
2- النوم المستغرق.
3- زوال العقل بالجنون أو الإغماء أو السُّكر.
4- مسُّ الذَّكَر باليد ينقُض الوضوء، وهو مذهب جمهور الفقهاء.
5- الردة.
حكم الشك في الوضوء:
إذا توضَّأ ثمَّ شكَّ في الحدَث، فإنَّه لا يلزمه الوضوء، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، فاليقين لا يزول بالشكِّ؛ فمَن تيقَّن الطَّهارة، وشكَّ في الحدَث، بنَى على اليقين .
إذا أحدث المتوضِّئ، متيقِّنًا من ذلك، ثم شكَّ في الوضوء بعده، فإنَّه لا يُعدُّ متوضِّئًا.

الفصل الخامس: الغسل وأحكامه:
أولاً: تعريف الغُسْل: الغسل لغة: سيلان الماء على الشيء. والغُسل شرعًا: إفاضة الماء الطهور على جميع البدن على وجه مخصوص.
ثانياً: موجبات الغسل:
1- الجماع حتى من غير إنزال.
2- خروج المني سواءً بجماع أم احتلام أم استمناء (والاستمناء حرام شرعاً).
من الجدير بالذكر الإشارة إلى ما يلي:
أ‌- خروج المني حال النوم يوجب الغسل وإن لم يحس بالشهوة؛ لأن النائم قد يحتلم ولا يشعر بنفسه. أما خروج المني حال اليقظة فيوجب الغسل إن كان بشهوة، أما إذا نزل المني بدون شهوة لمرض أو تعب أو برد فلا يوجب الغسل على قول الجمهور خلافاً للشافعية.
ب‌- الاحتلام هو أن يرى النائم كأنه يباشر أو يجامع، فإذا استيقظ ورأى الماء (المني) في ثيابه فيجب عليه الغسل، وإذا لم ير شيئاً فلا شيء عليه.
3- انقطاع دم الحائض أو النفساء.
4- الموت إلا الشهداء لا يُغسلون.
ثالثاً: فرائض الغسل:
1- النية.
2- إيصال الماء إلى جميع البدن.
رابعاً: سنن الغسل:
1- التسمية.
2- غَسل اليدين ثلاثًا.
3- غسل الفرج بإزالة ما عليه من أذى.
4- الوضوء قبل الغسل.
5- الحثو على الرأس ثلاثاً.
6- تخليل الشعر.
7- التيامُن في الغُسل، أي ثم يفيض الماء على سائر البدن بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر.
8- الموالاة في الغسل، أي أن يغسل العضو قبل جفاف الذي قبله.
9- دلك البَدن بالماء في الغُسل؛ وذلك حتى يُتيَقَّن من وصول الماء إلى جميع البدن.
خامساً: صفة الغسل الكامل:
1- النية بحيث ينوي الغسل بقلبه لرفع الحدث.
2- التسمية، فيقول: "بسم الله".
3- غَسل اليدين ثلاثاً.
4- غسل الفرج وإزالة ما عليه من أذى بشماله.
5- يغسل يديه –بعد غسل فرجه- وينظفهما بالصابون ونحوه.
6- الوضوء، فيتوضأ المسلم وضوءًا كاملاً كالوضوء للصلاة، وله تأخير غسل رجليه إلى أن نهاية الغسل.
7- الحثو على الرأس ثلاثاً، أي يفيض الماء على رأسه ثلاثاً مع تخليل الشعر؛ ليصل الماء إلى أصوله.
8- التيامُن في الغُسل، أي ثم يفيض الماء على سائر البدن بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر.
9- دلك البَدن بالماء في الغُسل؛ وذلك حتى يُتيَقَّن من وصول الماء إلى جميع البدن، ويتعاهد الإبطين وداخل الأذنين والسرة وأصابع الرجلين وغيرها من الأماكن التي قد لا يصلها الماء مباشرة.
مسألة: هل يجزئ الغسل عن الوضوء ؟
إذا كان الغسل واجباً أي أن عن جنابة مثلاً أو بعد طهر من حيض أو نفاس، فإنه يُجزئ عن الوضوء ما لم يُحدِث أثناء الغسل بمس ذكره أو بناقض من نواقض الوضوء. والأولى والأفضل أن يتوضأ ثم يغتسل.
أما إن كان الغسل مستحباً كغسل الجمعة أو العيدين ونحوه فإنه لا يجزئ عن الوضوء، إلا إذا أتى فيه بالوضوء المشروع المستوفي لجميع فرائضه ومنها النية وكذا الترتيب على الراجح عند الفقهاء.
سادساً: ما يحرم على الجنب:
1- الصلاة.
2- الطواف بالبيت الحرام.
3- المكث في المسجد.
4- مس المصحف.
5- قراءة القرآن الكريم، ولكن يباح للجنب الذّكر والتّسبيح والدّعاء.
مسألة: علمنا أنه لا يجوز للجنب مس المصحف؛ فهل يجوز مس المصحف لغير المتوضئ؟
لا يجوز مسُّ المصحف من غير وضوء؛ وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة.
الصَّغير المميِّز يجوز له مسُّ المصحف للتعلُّم والحفظ، ولو كان على غير طهارة على رأي جمهور الفقهاء.
قال بعض أهل العلم يجوز لمعلم القرآن أو لمتعلمه أن يمسا المصحف من دون وضوء مراعاة لحاجتهما إلى ذلك، قال العلامة الدردير المالكي رحمه الله في كتابه الشرح الصغير: "يحرم على المُكلَّف –يقصد المُحدِث- مس المصحف وحمله، إلا إذا كان معلماً أو متعلماً".
قراءة القرآن لغير المتوضئ دون أن يمسَّ المصحف جائزة، وإنْ كان الأفضل له أن يتوضَّأ،
قال الإمام النووي في كتابه المجموع: " أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمُحدِث، والأفضل أنه يتطهر لها ".