أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .
#1
|
|||
|
|||
أسباب تضيع العمر - ابن الجوزي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعدكم الله يا أحبه وأسبق عليكم رضوانه من علم أن العمر بضاعة يسيرة يسافر بها إلى البقاء الدائم في الجنة لم يُضيعه , فأما من قلَّ علمه وضعف إيمانه بالجزاء , وخسَّت همته , فإنه يؤثر الراحة بالبطالة , ويقنعه ما يرجو النجاة به من التوحيد ولا ينظر في فوت الدرجات , فهو كما قيل : دَعِ المكارِمَ لا ترحل لِبُغْيتها واقعد فإنكَ أنتَ الطِّاعِمُ الكاسِي السبب الأول : طول الأمل فالإنسان يعد نفسه بأن سيعمل وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال : " طول الأمل ينسي الآخرة" وقال ابن عمر : "إذ أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء , وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح" وقال الحسن: ما أطال عبدٌ الأمل إلا أساء العمل . وكان بعض العلماء يقول : احذروا : سوف السبب الثاني : تعجيل الراحة . لو كان الذهن قوياً لعلم أن الراحة البطالة تذهب ,وفعالها خسران المناقب , وأنت ترى الغافلين في ساعات البطالة عن أشغال الدنيا , منهم من يسعى في لهو يؤذي دنيه ويلعب بالشطرنج ومنهم من يتحدث حديثاً لا يخلو من إثم . وينبغي للإنسان أن يعلم أن أعزّ الأشياء شيئان : قلبه ووقته , فإذا أهمل وقته وضيع قلبه ذهبت منه الفوائد. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجلس قوم مجلساً لا يذكرون الله عز وجل ولا يصلّون فيه على النبي صلى الله عليه إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب " أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال سبحان الله العظيم وبحمده , غرست له نخلة في الجنة" . فالعجب لهذا يضيع زمانه في غير الغرس , ولو أنه ذاق طعم النخيل لاستكثر من غرس النخل إن مثل عمل الخير في العمر كمثل رجل قيل له : كلما زرعت حبة أخرجت لك ألف ألف كُرِّ فتراه يفتر مع سماع هذا الربح! . وقال الحسن : يُعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره , فكل ساعة لم يحدث فيها خيراً تقطعت نفسه عليها حسرات. جاء أعرابيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : " يا رسول الله أيّ الناس خير ؟ قال " من طال عُمُره وحسن عَمَلُه" . واعلمي أنّ من طالع سير السلف عاش قلبُه الميت بالهوى , ومن تفكر في العواقب فقد استعمل غاية الدواء , وأقربُ الأشياء إلى السلامة مفارقة من ضل وغوى. نسأل الله أن يبارك في أعمارنا على طاعته ويثبتنا على الإيمان وحسن استغلال الأوقات . من كتاب حفظ العمر لابن الجوزي
__________________
|
|
|